د. خيرية السقاف
يا لبهجتنا
حين نستيقظ على قرع حبات المطر فوق نوافذنا،
على أوراق أشجارنا،
عند زوايا أبوابنا، وبراح سطوحنا،
حين نجد الهواء منعَّما بمخيلته الفارهة،
والزهور في موعد انتشائها، ومتعتها، ونباتها،
وفسحة الفضاء مكللة بفضة الغيوم،
وغزل النور من بعيد يحيك لها رداء عروس،
وسرب الطيور لا يعبأ بالبلل..
حين يكون صبحنا الجديد مترفا بالماء،
مكللا بالغيوم،.. صاخبا بالرعد،
نعلم أنه المطر،
أنه الربيع يأتي، وأن الشتاء يقول وداعا..
الفارهة مدينتي اليوم في قمة جمالها هذا،
يوقظها صوت الرعد، يطرق صمتها ومض البرق،
يهبها شبع الرئة فتمدُّ بالزفير،
تشارك الهواء أنفاسُنا فيطوف بنشيدها،
ونفوسنا منهمكة بالجمال المتمادي..
حين نستيقظ على هذا المناخ المترف،
لا نعبأ بتحذيرات الفلكيين،
لا نُشغل بعجز الصيانة، ولا نعنى بعثرات المواطئ..
نهرع للنوافذ، نلجأ لمظلات الشجر،
نركض للانغماس في الهواء الممطر لنبتل بطهر السماء..
حين نستيقظ على هذا الفيض الإلهي البديع
نأخذ بنا بكل ما فينا إلى برد النقاء من عوالق الحديد، وشوائب المؤثرات،
وأغبرة دواليب المركبات، وكمائن الاسمنت،
وشحوب الوجوه العابرة بلا سلام..!!
حين نستيقظ على هذا
نغمر الشقوق في الصدور ببلسم الجمال،
نسقيها منه عذب الدواء،
نطلق لمكنون الرأس أن تنطلق فيه تفاصيله إلى حيث لا حدود،
لا قيود في هذا الحضور الباذخ فتنة..!
الآن السماء ترعد،
المطر يخاتل الصمت،
الشجر ميادا بغصونه في انتشاء
الياسمينة تبوح ببياضها للهواء
والرياض في ابتهاجها تقول:
تعالي تعالي من أقاصي الفضاء
وأمطري..