د. خيرية السقاف
القطط المدللة المرفهة في البيوت،
المكتنزة لفرط التغذية ومراجعة الطبيب
التي تنام على وسادة من الريش، وتشرب في آنية من زجاج،
التي تُغطَّى بفرو ناعم في الشتاء، وتُقلم أظافرُها عند الطبيب،
التي تُنظف عيناها بالقطن المعقم، ويُنظف فمها بالمعجون..
التي لها ركن مشجّرٌ في حجرة مستقلة..
تنظر في عيون أهل الدار طويلاً..
لا تتكلم إلا نادراً..
هذه القطة في غربة..!!
* * *
الستائر المذهبة، المثقلة بالزخرفة، المحاكة بإتقان،
المضبوطة القياس على النوافذ المطلة على براح معتنى بتفاصيله،
الممتَّعة بالإطلالة من النوافذ الزجاجية على فسحة ماء رقراق، ووجه فضاء حسن،
التي تدفئ الحجرة في الشتاء، وتُسكنها عن ضوضاء النور في النهار..
الستارة هذه، معلقة كحبل المشنقة
تخنق حرية النافذة..!!
* * *
الكتاب المغلق عند وسادة، أو على طرف طاولة، أو على رف ينتظم في ترتيبه،
أو في حقيبة متنقلة، أو حبيس مكانه، أو مطلا من زاوية ما في بضاعة سفر,
الكتاب هذا غريب في وحشته
يضج جوفه، لا يتكلم..!!
* * *
الطفلة قاتلة النساء، الطفلة حاملة السلاح، الطفلة ملوثة البراءة،
هذه الطفلة مثخنة بالغدر، مثقلة بالغرابة،
مفعمة بالجريمة، مورَّطة بما لا تعي..
هذه الطفلة زُجَّت في غربة أبدية
وسوف لن تتكلم..!!
* * *
من الناس على الأرض
وإن عج بهم المسير
لكنهم غرباء..!!