فهد الحوشاني
تنتشر مقاطع في اليوتيوب لأشخاص (يقبلون) أرجل أمهاتهم وهي ظاهرة جديدة لم نعهدها من قبل، لكن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت نشرها وربما المباهاة بها، وبشكل عام إذا لم يكن فيها شيء من (المهايط) الذي طم وعم في بعض شؤون حياتنا أو ساورها شيء من تمثيل الوفاء فهو سلوك يمكن تقبله!
ثم ظهرت موجة أخرى من الشيلات والأغاني الشعبية التي تسطر المديح في الأم والثناء عليها، وأنا كـ (أب) لا أعترض ولا يظن أحد ما (لا سمح الله)، أنني أشعر بالغيرة من هذا التكالب على مديح الأمهات (الزوجات) والثناء عليهن! لا وألف لا!! ولا فكرت أصلاً في الموضوع، فزوجاتنا (الأمهات) أجزم بأنه (حلال) عليهن تلك الإشادات وأكثر من ذلك، وأرجو أن يكون ذلك (الوفاء) صفة إنسانية أصيلة تتسع دائرتها لتكون سلوكاً متجذراً يمارسه (الابن) مع كل من حوله! لكني أتطرق للموضوع لأنه أحياناً يكون موضوع حديثنا أنا وبعض الزملاء (الآباء)، فينبري أحدهم بكل حماسة فيقول: إن ذلك يأتي لمجرد الظهور الإعلامي أو مناكفة من الولد لزوجته خاصة إذا كان بينها وبين أمه حرب عصابات، واستثنى أحدهم قائلاً: إلا إذا كان الوفاء هو طبع عام للابن يمارسه مع الكل ولكنه يظهر متجلياً أكثر مع الأم لما لها من تقدير ديني! وبغض النظر عن تفاسير الزملاء (الآباء) واحتمالية غيرتهم، لا غيرتي بالطبع!! فإنني أؤكد أنه من الجميل وفاء الابن للأم والتلطف معها، ولكن تضمامنا مع الزملاء الآباء، سأقول بلسانهم وأيضاً (نيابة) عنهم، بعد أن (اشتعلت) في قلوبهم نار الغيرة! أيها الأبناء البررة (نحن هنا)!! ولا مانع أن أقول ذلك بصراحة وشفافية أين نحن من هذا كله؟!، كيف للابن أن ينسى دور الأب ويضعه في خانة المتفرجين على مقاطعه (اليوتيوبية)؟! وإذا كان لا بد من تجسيد مشاهد الوفاء، فلماذا تدور كاميراته بعيداً عن والده! ولنعد إلى سنوات خلت فنسأل هذا الابن الذي تجاهل أباه! من الذي اختار لك هذه الأم العظيمة التي (تقبل) أقدامها؟! ومن الذي لبس بشته وراح يخطب تلك الأم التي كانت ملكة الحسناوات في زمانها! وتزوجها لرغبته في أن يأتي بك إلى الحياة! أليس أباك الذي تميل عنه عدسة كاميراتك وتنسى أن (تقبله) ولو (على) جبهته! وتصور ذلك للناس ليقولوا ما شاء الله عليك ولد بار؟! قبلة (مصورة) على جبهته وليس من الضروري قدمه! لكنك وبدون أي اهتمام بمشاعره (تبوس) قدميها وتشيح بوجهك عن قدميه رغم أن أقدامهما بنفس المواصفات! فكلها تحتوي على خمس أصابع!
الجنة تحت أقدام الأمهات، أعرف هذه المقولة، ولكن أعرف أيضاً أن البر بالأب هو أيضا طاعة لله! إذا كان لا بد من تصوير هذه المشاعر الخاصة، فنعم (لتقبيل) الآباء وتصوير ذلك ونشره على اليوتيوب وغيرها في المواقع جبراً لخواطرهم، وحرصاً على عدم التفرقة التي ربما قد تؤثر على نفسياتهم، وتكبر من شرهتهم، ولا أكبر ولا أسرع من (شرهة) كبير السن! لقد قرأت ذلك في عيون زملائي الآباء!!