فهد بن أحمد الصالح
لم يمر بنا في مجتمعنا الرياضي آفة أضر علينا من آفة التعصب، وأصبحنا نراه من التطرف الذي لا تقره أخلاق ولا أنظمة محلية أو دولية، ولا نعلم مع رجاحة العقول وثقافتها ونضجها وتعليمها كيف أن هذه الآفة أصبحت تتنامى وتزداد في مجتمعنا على مختلف الأعمار، والعاقل الذي لا يعجبه الحال عمل إلى توجيه اهتمام الابناء لمتابعة الرياضة العالمية، وزادت في ذلك ثقافة الشباب فيها، فتجدهم حفظوا أسماء اللاعبين والاندية والملاعب ومتابعة اخبار اللاعبين، وإذا سألت الشباب عن حال أنديتنا ولاعبينا قالوا نعرف ذلك في زمن الطيبين لأنهم كما يقولون قد خدعوا لسنوات ان لدينا اقوى دوري آسيوي ولم يجدوه، وأصبح المجتمع يرى التعصب والسلوكيات المرفوضة قولاً وعملا ويشاهد الإقصاء للآخر والتشفي وكأن الرياضة معركة حرب، ولعلنا نسلط الضوء من وجهة نظر شخص بعيد عن التعصب ويعزوها الى الأسباب التالية.
1 - الاسرة تتحمل جزءا ليس باليسير، ورب الأسرة وقدرته على عدم تأجيج التعصب لأي من الابناء وعدم أخذ الرياضة والفوز والخسارة وكأنها قضية مصيرية، فالابن يقتدي بالأب حتى في ميوله الرياضي لأنه المؤثر الاول عليه.
2 - المدرسة ودورها الحيوي الهام والتربوي الاساسي في تثقيف الطلبة بما يبعدهم عن التعصب وذكر مضاره المجتمعية ويتحمل استاذ التربية البدنية جزءا كبيرا من هذا الملف وعليه إعادة رسالته التربوية التي تعالج هذه الآفة الضارة.
3 - رؤساء الاندية واداريوها ولاعبوها من خلال الارتقاء بالحديث عن المنافسة الرياضية وأنها ليست مجالاً للتعصب وانما مجال للرقي بالذائقة الرياضية دون الحاجة الى صنع العداء مع الفريق المنافس وإقصاء من يخالف الانتماء.
4 - الإعلام الرياضي غير المسؤول الذي نطالعه في بعض الصحف والمواقع والقنوات الرياضية، فهناك عناوين وتحاليل بعيدة كل البعد عن الواقع وعباراتها مستفزة وتدعو بالفعل إلى رفع درجة التعصب وليس علاجه ونبذه وإبعاده.
5 - المجتمع الرياضي من خلال تأجيج التعصب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهم او من ينتقده بل ويطالبون بعلاجه واجتثاثه فكيف يقومون بتغذيته ولن يصلح الحال دون تضافر الجهود مجتمعة للقضاء على هذه الظاهرة المؤرقة.
لا شك أن المجتمع وإن عاش التعصب فإنه منتقد له ولا يرغب فيه، ولذلك فإن على وزارة التعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب دور كبير في علاجه والتقليل من تأثيره وأضراره من خلال الاتفاقية التي أبرمت في العام الماضي، ونتطلع ان تكون احد فوائدها زرع الروح الرياضية في مراحل التعليم العام والجامعي وقيام الرئاسة بمسؤوليتها الاجتماعية بمشاركة الاندية في تصميم برنامج اعلامي يعالج التعصب على أن يكون هذا البرنامج، وقد يكون من الانسب ان يعامل ذلك على انه مشروع وطني تشارك فيه القطاعات المعنية كوزارة الداخلية لأنها تتأثر بالتعصب من خلال أمننا الداخلي وتستنفر كل جهودها في بعض المباريات للحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم، وقد يرتب ورش عمل وجلسات للعصف الذهني بوجود القيادات النفسية والتربوية مع استقطاب الأقلام المؤثرة سواء الرياضية اوالاجتماعية وبعض المشايخ والدعاة والمثقفين، وأن يفعل دور اللاعبين الاجتماعي ويختارون بعناية لبث رسائل تحذيرية منهم، وكذا الرياضيون القدماء من اصحاب البصمات فالقبول لهم دائم والتأثر بهم مستمر.
ختاماً ان المجتمع من عقود يتطلع لإيجاد حل للظاهرة ودراستها من الناحية النفسية والفسيولوجية والوصول لأسبابها ثم علاجها فهل نرى بوادر لتحقيق هذا التطلع وخطة عمل وان كانت طويلة تحد منه وتثقف الشباب بمضاره في ظل مجتمع يتجاوز الشباب فيه 60% من تعداده فماذا جنى من كان قبلنا من التعصب وماذا ستجني الأجيال القادمة منه وماذا جنى ويجني الوطن غير الاختلافات والفوضى، وبعدها إزهاق الكثير من الارواح في سبيل ناد أو مع مشجع منافس.