فهد بن جليد
سأل صديقه الذي يجلس أمامه في أحد المطاعم على ضفاف البسفور ( بكل خُبث )، تبدو عليك السعادة..؟ ( وكأننا نتنكد إذا شفنا واحد مبسوط)، هل هي بسبب الخضرة والجو العليل؟ أم الماء ومقابلة (وجهي الحسن)؟!
رد عليه صاحبه (بخبث أكبر) انظر حولك إلى كل هؤلاء الشباب الخليجيين، والعائلات الخليجية والعربية وهم يتناولون الغداء في مكان ( عام مشترك ) بكل احترام وسكينة، دون أن يبدو عليهم التضايق أو الامتعاض من بعضهم البعض، تخيل لو أنهم (هناك) حتماً لن يجلسوا بهذه الطريقة؟ لربما نشبت حرب (داحس والغبراء) بسبب مرور الضوء مع (ثقب الحاجز) الذي يحيط بطاولة كل منهم؟ لماذا نحن كذلك؟ أوليس الناس هم الناس؟ لماذا نعيش (شخصيتين مُتناقضتين)؟!.
ما ينقصنا في مجتمعاتنا هو (التراحم ) فيما بيننا، أنا كـ (شاب أعزب) افتقد ذلك يا رجل، وأشعر أنه ينظر إليَّ بريبة وشك طوال الوقت، وتصرفاتي محل مراقبة واتهام من الآخرين، حتى لو صدرت مني بشكل عفوي، لأنني في نظر أغلب الناس (ذئب مُفترس) لا تؤمن بوائقه !.
الحوار لا يخص طرفي الطاولة وحدهما، فالنقاش يعنينا جميعاً، كوننا شركاء في صناعة المشهد الذي أمامنا؟ وهل سنقرؤه كنتاج طبيعي لعدم الثقة في سلوكنا (داخل مجتمعاتنا)؟ أم هي مجرد (مثاليات نعيشها خارجياً) عندما ندّعي الالتزام بالقانون، ليظهر كل منا (كسائح وديع) لا علاقة له بأي ثقافة أخرى، بينما يبدو السر في العقوبات الرادعة والتطبيق الجاد، على طريقة أن الالتزام (بالنظام المروري، والآداب العامة، والتقيّد بالأنظمة) في الخارج، خوفاً من العقاب.. وليس للأمر علاقة ( بالأخلاق أو الآداب أو التربية)!.
بعض دراسات تقول أن (السلوكيات السلبية) يمكن تغييرها بالمحاكاة والتقليد (مثل العيش في مجتمعات أخرى)، بينما يتأكد التخلي عنها تماماً (بالعقاب الرادع)، وهو ما نحتاجه للوصول للتراحم الذي ينشده (عزوبي البسفور).
وعلى دروب الخير نلتقي.