رقية الهويريني
ما أقدم عليه المجرمان الداعشيان بقتل ابن عمهما الجندي في قوات الطوارئ الأعزل يعد إحدى الحالات المتعددة من قتل الأقارب، فقد سبقهما مجرمان قتلا ابن عمهما أيضاً، ومجرم آخر قتل خاله الضابط وامرأة حاولت قتل زوجها العسكري! وتدخل كلها ضمن القتل العائلي المدفوع بالتحريض من قبل التكفيريين الذين يبيحون قتل العسكر وتصفيتهم مهما كانت صلة القرابة! وقد تجمعت بتلك الجرائم كل الرذائل من غدر وخسة وخيانة.
وهؤلاء المجرمون مروا بعملية تحريض سواء مباشرة أو غير مباشرة من خلال قنوات التواصل الاجتماعي التي استخدمت بطريقة وحشية، ولا شك أن تجييشهم المنظم سيستمر طالما كانت الجذور تسقى بماء الكراهية وسماد البغضاء ضد من يقوم بالذود عن الوطن من رجال الأمن.
ولا زلت على إصراري بتحميل الأسرة مسؤولية وتبعات ما يحدث من وحشية وقتل وتدمير يمارسه أبناؤها ضد الآمنين، مهما حاولت تلك الأسر التنصل عن ذلك، وأعلنت براءتها من الفعل، ويكفي أن تسمع خطاب أحدهم أو تقرأه قبل أو أثناء تنفيذ جريمته لتدرك أبعاد فكره ومدى تغوله بالإجرام.
ولقد قرأت وسمعت ممن يثير الفتنة سواء عبر كتابته بتويتر أو في محاضراته في المساجد أو على منبر الجمعة، وآخرها ذلك الذي دعا بالموت على الإعلاميين كخصوم للمجتمع، ويؤّمن المصلون على دعائه، وكأنه يبرر أو يوحي بتصفيتهم ويكرّه الناس بهم، أو خطيب الجمعة الآخر الذي حرّض على قتل ممثل عرّى الدواعش وبيّن خزي أفعالهم! فماذا نتوقع أن تكون النتائج بعد الحشد والتجييش؟ طالما لم يتم عقابهم؟!
لذا ينبغي وقف هذا النوع من الخطاب التحريضي، ومعاقبة ممن يقوم به ليس بإعفائه من منصبه فقط؛ بل سجنه وتغريمه والتشهير به لكي يكون عبرة لغيره، وبالتالي وقف هذا التدفق من الكراهية ونزع جذور الفكر المؤدي إلى الإرهاب والقتل والتخريب.
وما يؤسف له حينما تحول البيئة الاجتماعية الطيبة إلى بؤرة عنف وإقصاء وتنابز، مما يؤكد ضرورة إقرار قانون ضد التحريض وتطبيقه بحذافيره، واستقطاب الوعاظ المؤثرين وإلزامهم بتعرية الدواعش والمجرمين ونشر صورهم بدلاً من دعاء بعضهم لداعش في التمكين، واكتفائهم بنشر تغريدات ناعمة تشجب قتل النفس المعصومة وحرمة دم المسلم فقط!
أمامنا طريق طويل من التطهير، ومراجعة الخطاب المتطرف المغذي للإرهاب!