فيصل أكرم
الكتب الثلاثة التي أعنيها هنا ليست جديدة في تواريخ نشرها ولا حتى في قضاياها، ولكنها فريدة في مضامينها المطروحة بتميّز لم يأت بشكل عاديّ.. وأحسبها من الكتب المهمة في كل وقت ثقافيّ وضمن كل ظروف تحيط بنا – خاصة في الحاضر وما نراه يتحضّر - وكلها صادرة من القاهرة، وقد حصلتُ عليها مؤخراً، حتى لو كنتُ قد حصلتُ عليها سابقاً، وسأبحث عنها لأحصل عليها مجدداً لو افتقدتها!
الكتاب الأول: (أبي آدم.. قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة) للدكتور عبد الصبور شاهين - رحمة الله عليه - وهذا الكتاب الصادر عن دار أخبار اليوم عام 1998 كنتُ قد حصلتُ عليه أكثر من مرة، ولا أدري أين يختفي مني بعد كل مرة – مؤكد أن ثمة من يستعيره مني ولا يعيده إليّ! - وكنتُ قد قرأته مرات عديدة، وكتبتُ عنه أكثر من مرة، ولكن.. هو من نوع الكتب التي لا أريد لها أن تغيب عن مكتبتي، ولن أستعرض الآن شيئاً منه - فهو موجود بالكامل على الإنترنت، لمن لم يقرأه بعد - ولكني فقط وددتُ التذكير بأهميته، وأهمية مؤلفه الذي مات قهراً من الهجوم الظالم الشرس الذي واجهه به المتربصون لكل ضوءٍ يسطع في ظلامٍ محكومٍ عليه بالتأبيد.
أما الكتاب الثاني، فهو لصديقٍ حسبتُ أنني عرفته مؤخراً، ثم أدركتُ أنني أعرفه منذ زمن، حين قرأتُ كتابه: (الآيات السوداء.. قراءة في ذاكرة دولة الشر). هذا الكتاب، للكاتب الصحافيّ المبدع علاء عبد المنعم، وهو من محرري مؤسسة (روز اليوسف) العريقة، أحدث منذ صدور طبعته الأولى عام 2009 قلقاً عند أكثر من جبهة وتيار.. فهو يقرأ بجرأة ودقة حقيقيتين.. وثمة فرق بين الجرأة الحقيقية وغيرها الوهمية، فالجرأة هنا ليست في قول ما يخشى غيره أن يقوله، بل هي في حقيقة ما يقوله لدرجة يخاف من قولها حتى صاحب الحق(!)، وكذلك الحال مع الدقة.. فدقة المعلومات هنا تخيف حتى الباحث عن المعلومات الدقيقة. وسأكتفي باستعراض عناوين محتويات الكتاب: (كلمة لا بد منها، تمهيد، القراءة الأولى - الجزء الأول: إسماعيل الصفوي رأس الخيبة، الجزء الثاني: حرب الروافض وسياسة التطهير الصفوي، القراءة الثانية: فرض الحراسة على المنطقة العربية، القراءة الثالثة: التحالفات الفارسية، القراءة الرابعة: فرض النفوذ الشيعي، القراءة الخامسة: الانتشار الفارسي في العالم العربي والغربي، القراءة السادسة: في تاريخ النووي الفارسي، وخاتمة). وربما انزعج القارئ لمقالتي هذه من تكرار كلمة (القراءة) ولكنها في هذا الكتاب بمثابة كتاب. فكل قراءة من القراءات الست تستحقُّ قراءات. فهي، وإن كانت تتناول ما يتناوله معظم كتّاب الصحافة في أجوائنا الحالية المرّة، إلاّ أنها أكثر حقيقيةً ودقة في مسك خيوط اللعبة من أساساتها لا من الأطراف؛ وأنا أعني ما أقول.
الكتاب الثالث عنوانه: (عبد الله القصيمي.. حياته وفكره) صادر عن مركز المحروسة بالقاهرة عام 2012 للكاتب السعودي عبد الله القفاري. طبعاً أنا لستُ بحاجة إلى قراءة أشياء قد تكون معروفة لي ولغيري - من عامّة المنشغلين بالثقافة - عن الراحل عبد الله القصيمي، غير أن الكلمة المنشورة على الغلاف الخلفي للكتاب، موقعة باسم المبدع اللبناني أنسي الحاج، أجبرتني على اقتناء هذا الكتاب(!). فالراحل أنسي الحاج يسحرني حين يكتب مقالة. ففي مقالته شعرٌ لا أجده في شعره(!). اقرأ معي هذي العبارات في كلمة أنسي: (ياما حلمنا أن نكتب بهذه الشجاعة، ياما هربنا من قول ما يقول. ياما روّضنا أنفسنا على..) يسحرني أنسي الحاج بأسلوبه الجاذب، وإلحاحه أن (اقرأوا) هذا فلا أستطيع التجاوز؛ والكتاب فعلاً يستحقّ أن يؤخذ فيُقرأ.
وبعد، فهذه الكتب الثلاثة لم أتكلم عنها هنا بوصفها حديثة الصدور أو الظهور، أو أنني حصلت عليها وحسب، لا، فالكتب الحديثة بالآلاف، وأحصل كل أسبوع على عشرات منها؛ إنما هذه الكتب الثلاثة - برأيي - مهمة.