د. عبدالواحد الحميد
جميل أن نستعيد في هذه الأيام قصة إنشاء شركة سابك العملاقة، وجميل أن يكون معالي المهندس عبدالعزيز الزامل هو من يروي هذه القصة وأن ياتي ذك ضمن فعاليات كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية الذي تحتضنه جامعة اليمامة بالرياض.
ففي محاضرة ألقاها المهندس الزامل يوم الأحد الماضي في رحاب جامعة اليمامة تحدث عن البدايات الصعبة لانطلاق سابك عندما كانت الخبرات والإمكانيات متواضعة جداً وكانت التجربة جديدة والتحديات هائلة.
وكان الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، بصفته وزيراً للكهرباء والصناعة، قد استقطب مجموعة من الشباب السعوديين العاملين في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية آنذاك وفي مقدمتهم المهندس عبدالعزيز الزامل للعمل معه في تطوير المشاريع الصناعية الجديدة.
تحدث المهندس الزامل في محاضرته عن قصة نجاح سابك وعن التحديات التي واجهتها عبر مسيرتها وحملات التشكيك التي شنَّها بعض المنتقدين والساخرين ممن رأوا أن من المستحيل إنشاء صناعات بتروكيماوية عملاقة في السعودية على النحو الذي كان يطرحه القصيبي والزامل وزملاؤهما.
ويقول المهندس الزامل أن احد الصحفيين الغربيين زار سابك التي كان مقرها يقع في مبنى متواضع في أحد الشوارع الخلفية بمدينة الرياض، وعندما دخل المبنى صُدِم من تواضع الإمكانيات وخرج بانطباع سلبي عبَّر عنه في مقال نشره بالصحيفة التي يعمل فيها مستبعداً نجاح المشروع السعودي. ولكن بعد مرور عدة أعوام، جاء نفس الصحفي إلى المملكة وزار مصانع البتروكيماويات في الجبيل وينبع فدُهش عندما شاهد المصانع العملاقة فكتب مرة أخرى في صحيفته مقالاً عن التجربة السعودية بإعجاب شديد!
يرى الزامل أن هناك عدة عوامل وتحديات تم تذليلها مما أدى إلى نجاح التجربة. ولكنني اتوقف عند دور الشباب السعودي الذي كان واضحاً منذ البداية في إنجاح التجربة، وقد تحدث المهندس الزامل عن ذلك بالتفصيل وبالأرقام وهو ما يذكرني بما كتبه المرحوم القصيبي في كتابه حياة في الإدارة. يقول القصيبي:» عندما ولدت سابك وقع اختياري على عبدالعزيز الزامل ليكون نائب الرئيس والعضو المنتدب، وإلى عبدالعزيز وزملائه الأوائل يعود الفضل الأكبر في تحويل سابك من وليد صناعي يحبو إلى عملاق صناعي يمشي بثقة في عالم الصناعة. كانت نظرتي، في معظم الأمور الرئيسية، متطابقة مع نظرة عبدالعزيز. كانت هناك عدة قرارات استراتيجية حددت مسار سابك منذ يومها الأول. القرار الأول أن تكون المسئولية كاملة في يد الشباب السعودي العامل في سابك لا عند موظفين ولا خبراء ولا مستشارين أجانب. لم أكن، وقد وصلت إلى الوزارة في سن الخامسة والثلاثين، أرى ما يحول دون تولي شاب في الثلاثين موقعاً قيادياً في سابك (....) كنت واثقاً أنه مع الثقة سوف تجيء القدرة على تحمل المسئولية، وهذا ما حدث. اثبت كل الشباب، كلهم بلا استثناء، أنهم على مستوى المسئولية».
واليوم يقود الشباب السعودي سابك ويصنع النجاح، وكان توظيف عشرات الآلاف من الشباب هو أحد الثمار الطيبة التي أنتجتها سابك، بالإضافة إلى إسهامها الكبير في الصناعة والصادرات السعودية وفي الاقتصاد الوطني عموماً.
كان توقيت المحاضرة رائعاً في الزمان والمكان، حيث كان صورة القصيبي تطل على الحاضرين في القاعة من الـ»شعار» المعلق لكرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية، وحيث يدور الحديث على مستوى الوطن عن كيفية الانطلاق بواقعنا الاقتصادي إلى آفاق أرحب.