د. عبدالواحد الحميد
في الوقت الذي تخبرنا وزارة الإسكان بأنها تناضل من أجل تدبير مساحات كافية من الأراضي لحل مشكلة الإسكان التي تعاني منها شريحة عريضة من المواطنين نجد أن هناك أراضي حكومية مهملة يسرقها لصوص الأراضي في غفلة من الأجهزة الحكومية المعنية.
هذه الأراضي المسروقة يمكن أن تُقام عليها مساكن تُئوِي آلاف الأسر التي لا تملك مساكن، فمساحاتها تقدر بملايين الأمتار المربعة! وقد أعلنت أمانة جدة مؤخراً، طبقاً لصحيفة عكاظ، أنها أحبطت محاولة بيع مخطط عشوائي تبلغ مساحته 800 ألف متر مربع، وأن مساحة الأراضي الحكومية المسروقة خلال الأشهر الثلاثة الماضية وحدها قد بلغت 4.6 ملايين متر مربع تكفي لإسكان 10 آلاف أسرة.
ويمكن أن نتصور وجود أضعاف هذه المساحة في مدن ومناطق أخرى، فلصوص الأراضي يجدون من يتواطأ معهم داخل الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وبعضهم على درجة من الاحتراف ويملك معلومات عن الأراضي الحكومية غير المستلمة أو الأراضي المنسية.. هؤلاء يستولون على تلك الأراضي ويقيمون عليها مخططات عشوائية ثم يبيعونها أو يتصرفون بها بطرق غير شرعية، ويجمعون من ذلك مليارات الريالات التي هي جزء من المال العام الذي يخص الجميع والذي كان يجب المحافظة عليه.
هذه الممارسات نسمع عنها دائماً ويتم تداولها كإشاعات منذ ما قبل إعادة إنشاء وزارة الإسكان بشكلها الحالي، وقد حان الوقت الذي ينبغي فيه تفعيل دور الوزارة لتكون طرفاً في قضايا التعديات على الأراضي الحكومية المهملة أو المنسية.
بطبيعة الحال لا معنى حقيقي لحكاية شح الأراضي في المملكة التي يعرف الجميع أنها تتجاوز مساحة دول عديدة، ولكن بافتراض أن ذلك صحيح فإن الأمر المنطقي هو ألا يتم التفريط في ما هو موجود وألاَّ تكون هناك أراضٍ حكومية مهملة ومنسية يعتدي عليها اللصوص ويقيمون مخططات عشوائية تضيف المزيد إلى مشاكل عشوائيات المدن السعودية. والأمر المنطقي أيضاً أن يكون لوزارة الإسكان دور فاعل في متابعة الأراضي الحكومية المهملة والاستفادة منها في حل أزمة السكن المزمنة.
من ناحية أخرى، يتضح أن دور الإعلام إيجابي في تسليط الأضواء على هذه الممارسات وفضحها ومتابعتها، ولكن لابد من إعطاء مساحة أوسع لوسائل الإعلام لنشر أسماء من تثبت إدانتهم في هذه القضايا لكي يكون ذلك رادعاً لغيرهم.