د. عبدالواحد الحميد
معلومتان مذهلتان وردتا في كلمة ألقاها مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء أحمد بن سعدي الغامدي، فقد قال- بحسب وكالة الأنباء السعودية - إن هناك مصانع سرية خارج المملكة متخصصة في تصنيع المخدرات للسوق السعودي، ولا تتعدى المادة المخدرة فيها عشرة بالمائة بينما الباقي هو مواد مدمرة للعقل، والمعلومة الثانية هي أن الكميات المضبوطة تعادل الثلثين من معدل المخدرات في العالم!!
إن أقل ما توصف به هذه المعلومات هو أنها فظيعة!! فالتعداد السكاني للمملكة العربية السعودية لا يشكل شيئاً يذكر بالنسبة للتعداد السكاني العالمي، ومع ذلك نجد أن هناك مصانع متخصصة في إنتاج المخدرات للسوق السعودي، وأن الكميات المضبوطة تعادل الثلثين من معدل المخدرات في دول العالم!!
نحن نعلم أن مشكلة المخدرات هي قضية عالمية وأنها تفتك بشباب العالم في جميع مجتمعات الدنيا، ولكن أن تبلغ لدينا المشكلة هذا الحجم الخطير فإن الأمر يستوجب أن تستنفر الدولة جميع أجهزتها لمواجهة المشكلة، وأن يبادر المواطن إلى عمل كل ما في وسعه لمكافحتها، وذلك من خلال موقعه كفرد في المجتمع أو كموظف في أي قطاع.
يندر أن يمر يوم لا نقرأ فيه أو نسمع عبر وسائل الإعلام عن إحباط محاولات لتهريب المخدرات إلى داخل المملكة عبر المنافذ الحدودية، وفي بعض الأحيان تكون الكميات المضبوطة مهولة فعلاً، ولكن لم يكن أكثرنا يتصور أن الكميات المضبوطة من المخدرات هي بهذا الحجم الرهيب الذي ذكره مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وهو الرجل الذي يملك أكثر المعلومات دقة عن عالم المخدرات في المملكة.
مشكلة المخدرات في المجتمع السعودي بحاجة إلى المزيد من الشفافية في النقاش، فنحن نرى أن تهريب المخدرات إلى المملكة يتم بالرغم من أن القتل هو عقوبة التهريب، ومع ذلك فإن عمليات التهريب تتم على النحو المرعب الذي تكشفه الإحصاءات التي يتم الإعلان عنها من حين إلى آخر.
إن تطبيق عقوبة القتل على المهربين أو المتاجرين بالمخدرات منذ بداية العمل به وجد كل الدعم من العلماء الشرعيين ومن جميع فعاليات المجتمع، لكن هذه العقوبة يظل أثرها قاصراً إذا وقفت عند حد الشخص المقبوض عليه والذي كثيراً ما نلاحظ أنه من الجنسية الباكستانية أو الأفغانية أو غيرهما؛ فهذا المهرب لابد أنه مرتبط بشبكات في الداخل والخارج، وهي ربما تكون قد أغرته لارتكاب الجريمة ومن ثم فهي أيضاً تستحق أن تطالها العقوبة، وأن يعرف الناسُ ذلك من معلومات البيان الذي يصدر عند تطبيق العقوبة.
وباختصار، فإن المعلومات التي ساقها مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات تستوجب مضاعفة الجهود من أجل حماية المجتمع من هذا الوباء الوبيل.