د. عبدالواحد الحميد
مرة أخرى يطفو إلى السطح موضوع إفصاح موظفي الدولة عن ممتلكاتهم وذلك درءاً للفساد والإثراء غير المشروع.
هذه المرة يقود المبادرة وزير الصحة المهندس خالد الفالح الذي أعلن عن نية الوزارة إلزام جميع موظفيها بتوقيع وثيقة إفصاح وعدم وجود تعارض في المصالح بين عملهم في الوزارة وأمورهم الخاصة.
فلم تكن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن ضرورة إفصاح الموظفين العموميين عن ممتلكاتهم، وبخاصة أولئك الذين يتولون مناصب قيادية، غير أن هذه الخطوة لم تتحقق بالرغم من المطالبة المتكررة باتخاذها.
وقد كان المأمول بعد إنشاء جهة حكومية متخصصة في مكافحة الفساد، وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، أن يُصار إلى تنفيذ هذا الإجراء الذي طال انتظاره.
وحين يتحدث وزير الصحة عن نية الوزارة إلزام موظفيها بتوقيع وثيقة إفصاح، حسب ما نقلته جريدة الجزيرة على لسانه مؤخراً، فهذا يحيي الأمل في تحريك هذا الموضوع المهم من جديد.
لكن الإفصاح المطلوب يجب ألاَّ يقتصر على وزارة واحدة وألاَّ يأتي بمبادرة من وزير محدد وإنما يجب أن يكون إجراءاً تحكمه الأنظمة ويطبق على جميع الموظفين العموميين في البلاد بصرف النظر عن الجهة التي يعملون فيها.
فمع التقدير التام لمبادرة وزير الصحة وتثمين الخطوة المهمة التي أعلن عنها في ندوة بعنوان «دور القطاع الصحي في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد»، يصعب تصور تطبيق هذا الإجراء على موظفي وزارة واحدة فقط هي وزارة الصحة، ولهذا فإن المأمول من معاليه تبني هذا الأمر في جهات اتخاذ القرار بما يتجاوز وزارة الصحة.
مثل هذه الخطوة ستكون تاريخية لو تحققت لأنها ستضع حداً للكثير من الممارسات الفاسدة أو شبهات الفساد، كما أنها ستكون بمثابة منعطف حضاري يرتقي بنا في معايير الشفافية التي هي سمة المجتمعات المتقدمة في زمننا الحاضر.
شكراً لوزير الصحة الذي جاء لكرسي الوزارة حاملاً معه التقاليد العريقة لشركة أرامكو السعودية، وننتظر همَّتك لدفع هذه المبادرة إلى الأمام وإحياء مبادرات سابقة سمعنا بها ولم يتحقق منها شيء.