د. عبدالرحمن الشلاش
حب الوطن فرض عين، والدفاع عنه شرف وعز ووسام فخر، والتصدي لكل من يتطاولون عليه أو يحاولون المساس به أو الإخلال بأمنه واستقراره عمل مشروع ومقدس، وواجب على كل من يعيش على ترابه وينعم بخيراته.
لا يبرر كائنٌ من كان أن يخون وطنه، ويرمي بالعهود والمواثيق عرض الحائط لمجرد أن أمراً ما لم يعجبه فحب الوطن فطرة، ومن نزعت هذه الفطرة السوية من قلبه فقد تحوّل إلى عدو لدود أشد خطراً من العدو من خارج الديار.
حب الوطن ليس بالكلام وترديد الشعارات فقط وإنما بالأفعال. الخوف على الوطن والذود عنه والرضا بالعيش والتعايش فيه تحت كل الظروف، لا أن يكون الرضا عند العطاء والسخط عند المنع. حب يدوم ويستمر في كل الأحوال ووطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه.
من يخون وطنه أخلّ بأمانته وترك الوفاء إذ نقض العهد. من يخون وطنه ارتكب جرائم عظيمة بحق دولته ومجتمعه وأهله وجيرانه وأصدقائه، وباعهم لعدوهم بأبخس الأثمان فبدلاً من أن يسد ثغرة فتح ثغرات ومكن من داره قبل دور غيره.
يقول «جورج برنارد شو»: سوف لن يهدأ العالم حتى ينفذ حب الوطن من نفوس البشر. ربما لم يشهد برنارد شو في زمنه مثل خونة هذا الزمان وهم من باعوا أوطانهم من أجل أحزاب ضالة، ومن أجل جماعات إرهابية جبانة تستقطب الخونة ومن باعوا ضمائرهم كي يحاربوا أوطانهم.
خيانة الوطن تبدأ من أمور يحسبها الجاهل يسيرة بينما هي جرائم عظيمة عواقبها وخيمة لأنها بدايات استرخاص الوطن والحط من قيمته في نفوس لم ينفذ لها حب الوطن كما تمنى برنارد شو في زمنه.
السكوت على من يسب ويشتم الوطن أو يكذب ويدلس على الناس بزعمه أنه صادق فيما يهذي به من افتراءات دون الرد عليه وإلجامه، أو على الأقل الإنكار الشديد عليه وتنبيه الناس لخطره كل ذلك عدم وفاء لوطن يستحق الدفاع عنه بكل الوسائل.
التستر على العمال، والتهريب وترويج المخدرات والسرقات والفساد، وعدم الإبلاغ عن الجرائم والحوادث تندرج في قوائم طويلة من أفعال وسلوكيات لا يقوم بها من يحب وطنه.
إذا كانت هذه الأفعال التي يعدها البعض بسيطة تُعد من الجرائم التي تخون صاحبها فماذا نقول عن من تبع الفئات الضالة ليتحول لأداة يفجر ويقتل داخل وطنه معرضاً الجميع للخطر؟
لا شك أن هؤلاء هم الخونة الحقيقيون باعوا وطنهم ومن فيه من أجل شراذم خبيثة من قاعدة أو دواعش، جماعات تكفيرية مجرمة تريد الشر ببلاد التوحيد، أو من باعوا أوطانهم بالتجسس لدول خارجية، والتخريب لصالح الدولة الفارسية وتحريض المواطنين كي يحذو حذوهم الضال.
حين صدرت الأحكام القضائية بالقصاص على مجموعة من الإرهابيين من أبناء السنّة والشيعة هناك من وصفهم بالشهداء، وهناك من لم تكن مواقفه مؤيده فما الجزاء الذي يريده هؤلاء بحق هؤلاء الخونة أراح الله المجتمع من شرورهم أليس القتل أقل جزاء بحقهم جميعاً دون تمييز؟