علي الخزيم
العنوان أعلاه اقتباس من تعليق أحد المختصين الباحــثــين بالـقضايا الاجتماعية نَقَلَتْه عنه إحدى الصحف المحلية، والملفت قوله (كارثة)، والكوارث لها مسبباتها التي إن لم تُتّخذ بشأنها الاحتياطات اللازمة لدرء خطرها فان النتائج لا محالة ستكون وخيمة، ما يعني ضرورة إدراج هذه القضية ضمن القضايا المُلحّة بالقائمة التي يجب الاستعجال بدراستها بعناية للإحاطة بأبعادها وملابساتها واسبابها، ومن ثم البدء بخطوات العلاج غير المتراخي، لأن أقطاب مثل هذه الجرائم يرصدون ردود الأفعال الرسمية و(الأمنية بالذات) تجاه ممارساتهم ليخترقوا أي ثغرة ممكنة للمضي بمزيد من الجرائم وتطوير الأساليب المُتّبعة، وفي الحالات الأخيرة يتضح أن من المشاركين بالجريمة أفراد من عدة جنسيات بينهم ـ مع الأسف ـ العنصر الوطني، وهذه الجملة تعني أن وراء الخطف مآرب اخطر من الخطف ذاته وأن خطف الأطفال ما هو الاّ مرحلة من مراحل جريمة أكبر، إذن من عناصر ومقومات عصابة الخطف (الوافد الأجنبي) ثم سهولة استئجار أي مبنى سواء فيلا أو شقة لأي غرض اجرامي، يقول أحد المُعلّقين على خبر اختطاف طفلة مؤخراً: كل الجرائم وراءها شقق وفلل؛ وأن لديه عاملة أثيوبية كانت تشتغل في البلدان المجاورة، سألها: لماذا لم تحاولي الهرب حينما كنت هناك؟ قالت: إن استئجار شقة أمر ليس بالسهل عندهم! فقال: وهنا؟ قالت: السمسار الوافد الّذي جاء بي إلى هنا لديه 15 شقة باسمه!
أليس في كثرة عقود الإيجارات باسم هذا الوافد (أو من تستر عليه) ما يثير اهتمام الجهات المختصة للوقوف على الأمر، وهذا من دواعي معالجة انتشار مكاتب تأجير وبيع العقار في كل زاوية من شوارعنا دون تنظيم ومراقبة جادة، وأرى أنه من الأنسب دمج الجيد الجاد منها في شركات معدودة لها نظام واضح يمنع المتلاعبين بأمن ومقدرات البلد.
أعود لكلمة (كارثة) لنعرف أن من وَصَفَها بهذا الوصف كان قريباً جداً من الصواب إذا ما علمنا أن الخاطفين جُلّهم من أرباب السوابق بالمخدرات والمسكرات وترويجها وحمل الأسلحة النارية غير المرخصة، ثم لنلتفت إلى الهدف من الخطف الذي قد يشمل تحويل الأطفال المخطوفين إلى سلعة تجارية تدخل فيما يعرف بالاتجار بالبشر وما يتبعه من أعمال غير مشروعة يوصف كل منها على حدة بالجريمة المستقلة، كبيعهم للتبني والسرقات وتجارة الأعضاء وغيرها.
ولعل من المناسب هنا استذكار عملية تخليص الطفلة المخطوفة مؤخراً من أيدي الخاطفين، والتطور التدريجي الحاصل في الأخبار الصادرة من الجهات الأمنية؛ فلم يتضمن الخبر كالعادة الإشادة بعدد من القيادات الأمنية بدءً من مدير الشرطة مروراً بقائد فريق المداهمة وصولاً إلى آخر قائمة فريق العمل بالميدان والمكاتب، (والحق) أنهم أبطال ورجال أمن جادّون حققوا نجاحات باهرة في ميادين ومجالات مختلفة نعجز جميعاً أمام إنجازاتهم إلاّ أن نشهد لهم ونبادر نحوهم بالشكر على صنيعهم البطولي، الذي يؤكد ببرهان قاطع أن وراءهم قيادة ناضجة واعية، جعلت إنجازاتهم تتحدث عن نفسها.