علي الخزيم
نشرت صحيفة الجزيرة قبل أيام أن شرطة إحدى محافظات القصيم تمكّنت من الإيقاع بسبعة مُتّهمين متورّطين بتصنيع العرق المسكر وترويجه (بينهم مواطنٌ سعودي) وستة وافدين آسيويين، استغلوا استراحة (خاصة) بالمحافظة لتكون مقرًا لإيواء الوافدين المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل ووكرًا لتصنيع وترويج الخمور، حيث عُثر على كميات هائلة لا أدرى من سيتجرعها ومتى، ولماذا كل هذه الكميات، وماذا يجري في تلك البيئة؟! وفي الخبر أنهم حاولوا التخفي بإقامات مزورة للتنقل واستئجار المواقع والمساكن.
وفي ثنايا الخبر عدة وقفات يمكن أن يلاحظها المتابع؛ فالبداية عدد الموقوفين فهم ستة أجانب آسيويين يُفْترض أنهم مُسْتَقْدَمين لعمل مُحدد بمكان محدد، فما الذي جعلهم يتجرؤون على ما صنعوا؟ ثم إن سابعهم مواطن ربما أنه المتستر أو مشارك بدور مهم بالجريمة، فجُرمه أعظم من الستة، لأن عليه واجب حق المواطنة وحماية أمن الوطن، وحفظ كرامة أهله وناسه ومواطنيه وبلده، وأن يكون الجندي الباسل بوجه مثل هؤلاء، وأبواب الرزق الطاهر الشريف الكريم مفتوحة وما عليه إلا أن يسعى إليه.
ثم إنه من المؤكد (من خلال هذه القصة وغيرها) أن العمالة المتسللة تحصل على المستندات المزورة بيسر وسهولة وبأثمان رخيصة (في تقديرهم) لا سيما أنهم يعوضونها بأقصر وقت ممكن من تجارة الممنوعات والمحرمات، في ظل التساهل الحاصل في عمليات تأجير العقارات والمساكن والاستراحات، دون التثبت من صحة هوية المستأجر، ولتوفر مكاتب التأجير في كل شارع ومنعطف، والأغرب أن كثيرًا ممن يعملون بهذه المكاتب والاستراحات هم هؤلاء المزورون المفسدون، أي بمعنى أننا نستقدمهم لغير حاجة ثم نترك لهم المجال واسعًا للعبث بكل أصنافه، وفي هذه المسألة أرى أن على الجهات المختصة المعنية بجذور المشكلة أن تراقب مكاتب العقار وأن تضمها تحت مظلة (شركات مسؤولة) تُنظّم شأن البيع والتأجير وتضبط مخالفاته، ثم إن على هيئة السياحة مراقبة الاستراحات والمخيمات من الناحية النظامية، فيقال: إن عمالة آسيوية وغيرها تستأجرها بالسنة ثم تؤجرها باليوم وبالساعة، نعم هناك من يريدها لساعات محددة وفي أوقات معلومة لأغراض مقصودة يعرفها الآسيوي جيدًا بل ربما أنه هو من ينظم شؤونها ويشرف على كل مفاصلها، إذا العمالة الرديئة المتكدسة في بلادنا وجدت من هيأ لها بكل طيبة (أو سذاجة) أسباب الحصول على الأموال وتحويل العملات الصعبة بطرق ولا في الأحلام والخيال، تالله أني لأتخيلهم يتساءلون بينهم: (هل الذين يستقدموننا بكامل عقولهم، هل يدركون نتائج تساهلهم معنا، هل يعرفون ضحالة خلفياتنا الثقافية والمهارية)؟!
الكميات الهائلة من الخمور بالاستراحة كما قال الخبر، يبدو لي أنها تَمّت بعمل مكثف وطاقات كبيرة، ولا أظن ـ وإن كنت غير الخبير ـ إنها تُسْتَهلك بالمحافظة بل ربما هي مركز توزيع إلى جهات أخرى، كما أجزم أن هناك عديد من المواقع المشابهة للإنتاج بل والتنافس على سوق البضاعة نظرًا لما يُشاع عن المكاسب الكبيرة التي تُحققها العمالة قياسًا بحجم تحويلاتهم المالية.