د. محمد عبدالله العوين
سعى الأعداء في وقت مبكر على اختلاف مللهم ونحلهم من الغرب والشرق إلى إثارة الاضطراب والانقسام والفوضى في بلادنا؛ فاستمالوا من في قلوبهم مرض ودعموهم بالمال وبالإيواء وساعدوهم على التنقل بين البلدان بأسماء مزورة، ووفروا لهم أماكن الإقامة المؤقتة أو الدائمة في إيران ولندن وأمريكا وغيرها بتنسيق وتواطؤ واتفاق بين المنظومة الغربية والدولة الفارسية؛ فلم يحرك ذلك التجييش الإعلامي الهائل الذي وفرته « الديموقراطية « الغربية في لندن وأمريكا منذ الثمانينيات الميلادية - أي بعد ثورة المقبور الخميني - وإلى الآن شعرة في تضامن أبناء المملكة مع قيادتهم؛ لمعرفتهم العميقة بأهداف وغايات ودوافع وخلفيات أولئك الشراذم الذين ينعقون بأصوات مبحوحة في عدد من العواصم العالمية وتُهيأ لهم الفرص لحشد أعداد محدودة مستأجرة للتظاهر في ساحات تلك العواصم أو شوارعها الرئيسة!
لم ينجح مسعى إيران ولا من يعمل معها من دول الغرب في نشر الفوضى في بلادنا وتلاشت تلك المساعي الخائبة في مهب الرياح بتماسك أبناء البلاد ووعيهم بدسائس ومكايد الأعداء، على الرغم من طول المدة الزمنية التي تمترس فيها الناعقون على منابرهم يحومون ويدورون حول مشكلات عادية، لا يمكن أن يخلو منها أي مجتمع في طريقه إلى النمو، أو قضايا تتعلق بالتقاليد الاجتماعية ومفهومات الناس التي لا يمكن أن تجد اتفاقا مطلقاً عليها من كل الطبقات، فما ملوا ولا كلوا دون جدوى في تحقيق الأغراض الخبيثة واستثارة مشاعر المواطنين على اختلاف طبقاتهم ومناطقهم وقبائلهم؛ وحين بلغ اليأس من دولهم الراعية لهم التي منحتهم المال والإيواء حددوا هدفا واحدا يشتغلون عليه لضرب الوحدة الوطنية؛ وهو إثارة الفتنة الطائفية وشق مبادئ التآلف والانسجام بين مكونات الوطن الواحد مذهبياً أو قبلياً أو مناطقياً.
لكن؛ كيف يمكن أن يتحقق ذلك الهدف البعيد؟!
ذهب ظن المخططين من إيران ومن يسعى معها من دول غربية إلى استخدام وتوظيف رؤى أو أفكار متطرفة تقصى التيارات والمذاهب الأخرى ولا تؤمن بالتعايش أو الاختلاف كما هو شأن فكر «الخوارج» ودعم ذلك النفر الخوارجي وتمكينه ومده بالمال وبالأسلحة وبالقيادات لضرب السنة والشيعة معاً!
وهو ما تحقق في تنظيم « داعش « التكفيري الذي يقتل السنة قبل الشيعة ويدمر ويحرق وينشر الخراب، ولا يتساءل أفراده عما يفعلون؛ بل يؤمرون من قادتهم أو أمرائهم الذين قد لا يعرفونهم ولم يلتقوا بهم فينفذوا فتاواهم التي يزعمون أنها ستقودهم حتماً إلى الجنة والحور العين!
لقد وظفت إيران ومن وراءها تلك الشطحات في التراث الإسلامي، وكونت له بنية تنظيمية دقيقة ورعته من بعيد بأعين استخباراتية ومدد مستمر ونقلت أفراده وقواته وأسلحته إلى مناطق متعددة متباعدة من العالم العربي والإسلامي لتنهار الدول العربية والإسلامية وتسقط في حمأة الفوضى والقتل والخراب، ولتكون جاهزة بعد سنوات من الدم والتدمير كما في سوريا والعراق واليمن وليبيا للغزو وللتقسيم.
أرادت الدولة الشيطانية الفارسية ضرب وحدتنا بأيدي أبنائنا؛ فانساق هذا النفر المضلل وراء فتاوى قادته دون بصيرة ولا علم ولا إدراك بمرامي وغايات التنظيم ومن وراءه وإلى ما يهدف ومن المستفيد بعد ذلك من إراقة الدماء وإثارة الأضغان الطائفية والمذهبية.
هؤلاء النفر التكفيريون المضللون من أبنائنا ليسو أعداء لطائفة الشيعة فحسب كما يظهر من استهدافهم مساجد عدة في المنطقة الشرقية أو نجران؛ بل هم أعداء لمن يتشدقون بالانتساب إليهم؛ وهم السنة!
وقبل تفجير القديح والدمام ونجران والأحساء؛ ألم يفجروا في مسجد الطوارئ بعسير؟ ألم يفجروا مبنى الأمن العام في الرياض؟ ألم يستهدفوا رجال الأمن في نقاط التفتيش؟ ألم يقتلوا أو يغتالوا آباءهم وأعمامهم وأبناء عمومتهم؟ ألم يدعوا إلى التبرؤ من أهلهم؟!
ألم يكفروا قادتنا وعلماءنا ومثقفينا ورجال أمننا؟!
ألم يستهدفوا مصادر الاقتصاد والثروة للوطن في الظهران وينبع؟!
فمن ذا الذي لا يستوعب بعد كل ما جرى ويجري من استهداف مكونات المجتمع كله من طوائف وعلماء ورجال أمن ومراكز اقتصاد غايات تنظيم داعش التكفيري ومن يقف وراءه من أعداء الوطن؟!
لقد فشلت إيران في التجييش الإعلامي، وأخفقت معها بعض دول الغرب في نجاح مساعي من آوتهم ممن تسميهم معارضين؛ فلم يحققوا أية غايات لها تأثير في تحقيق الفوضى؛ فانتقلت إيران ومن معها إلى الخطة رقم 2 وهي ضرب وحدة الوطن بأبنائه سنة وشيعة.
إن القصاص العادل وتنفيذ أحكام القضاء على وجه السرعة فيمن يرتكب جريمة القتل وشق صف الوحدة الوطنية من سنة أو شيعة هو الرادع الحقيقي لكل مجرم أو رخيص باع ضميره وولاءه لأعداء الدين والوطن والأمة.