د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
تطبيق نظام الضمان الصحي
صدر نظام الضمان الصحي التعاوني عام 1420هـ لغير السعوديين، ثمّ لحق به قرار مجلس الوزراء عام 1423هـ بأن يشمل العاملين السعوديين في المؤسسات الخاصة وأسرهم.
وقد بدأ تطبيق النظام منذ عام 1426هـ - علماً أن النظام لا يطبّق حتى الآن على العمالة المنزلية وعمالة الأفراد. ويبلغ عدد المؤسسات الصحية الخاصة التي اعتمدها مجلس الضمان الصحي حتى نهاية عام 1435هـ: (1017) مجمّعاً ومستوصفاً و(141) مستشفى؛ ويبلغ عدد الحكومية (15) مؤسسة. أمّا عدد المؤمّن عليهم فيبلغ (9,640,000) - حوالي ثلث السكان، منهم (2,827,000) سعودي. وكما هو معلوم لا يقتصر التأمين الصحي على المشمولين بنظام الضمان الصحي، بل هناك التأمين الطبي الخاص الذى يغطّى أفراداً وعوائلهم وموظفي بعض المؤسسات الحكومية المستقلّة بشخصية اعتبارية أو تشغيل ذاتي.
إيرادات ذاتية لقطاع الصحة الحكومي:
- طبقت وزارة الصحة نظام (العلاج بأجر) على الأجانب من غير العمالة المنزلية وعمالة الأفراد وغير المؤمّن لهم الذين يراجعون مرافقها الصحية قبل حوالي عشر سنوات.
- اتفقت وزارة الصحة مع وزارة المالية على إضافة إيرادات العلاج التأميني في مرافقها الصحية إلى ميزانيتها (1421هـ).
- وافق مجلس الوزراء عام 1422هـ على الاستثمار في الأراضي والمباني الصحية.
(ملاحظة: إيراد الأنشطة السابقة بلغ عام 2008 وفق دراسة لمجلس الخدمات الصحية مليار ريال- تعادل 3,6% من ميزانية الوزارة. ولا تشمل إيرادات جهات حكومية أخرى).
عودة الأطباء للعمل في القطاعين:
إذا كان جمع الأطباء بين العمل الحكومي والخاص قد انتهى عام1392هـ (قرار تفرغ الأطباء)، فإنه عاد بوجه آخر كما يلي:
- اللائحة المنظّمة لتعاون هيئة التدريس في الجامعات -ومنهم الأطباء- مع القطاع الخاص عام 1412هـ، حيث يعمل الطبيب الأكاديمي بمعدّل ساعتين أسبوعياً في مرفق طبي خاص. وقد استفاد القطاع الخاص من زيادة الطلب لوجود كفاءات سعودية مؤهلة، لكن على حساب المرضى وطلاب الطب لانشغال بعض الأطباء عنهم.
- قرار مجلس الوزراء (1422هـ) بتنظيم عمل الأطباء الاستشاريين السعوديين في الحكومة خارج وقت الدوام في عيادات خاصة داخل المرافق التي يعملون بها، مع استقطاع بعض دخلهم لصالح المستشفى. وقد اعتبر القطاع الخاص ذلك منافسة غير عادلة لوجود العيادة في مرفق حكومي.
حجم الخدمات الصحية الخاصة 1435هـ:
الرعاية الأولية: المجمعات العامة: 1788
(المراكز بالوزارة: 2261)
الرعاية الثانوية: المستشفيات: 141 والأسرة: 15664
مستشفيات القطاع العام: 312 والأسرّة :52332
زيارات المراجعين لجميع القطاعات:
134,265,516
مراجعو القطاع الخاص: 36% (1420 = 20%)
المنوّمون لجميع القطاعات:
3,540,000 مريض
القطاع الخاص: 37,6% (1420: 25%)
مشروعات قُدِّمت للتخصيص:
قُدّم في السنوات السابقة أكثر من مشروع للتخصيص. وكان يضغط في هذا الاتجاه الحرص على توفير أكثر من مصدر للتمويل ليكون رافداً للتمويل الحكومي ولترشيد الإنفاق ورفع كفاءة الأداء ومستوى الجودة. فقد أكّد النظام الصحي (1423هـ) وكذلك الاستراتيجية العامة للرعاية الصحية عام 1430هـ على أساليب التأمين الصحي والإدارة الذاتية للمستشفيات الحكومية والشراكة مع القطاع الخاص فى الإدارة أو بالبيع والتأجير وإنشاء شركات مساهمة. كما اقترح البنك الدولي عام 2005 في دراسة أجراها لصالح الوزارة تخصيص مستشفياتها بجعلها مؤسسات مستقلّة (corporates)، وإنشاء صندوق تموّله وزارة المالية لشراء الخدمات الصحية. وفي عام 2006 رفع وزير الصحة (د. حمد المانع) إلى المقام السامي مشروعاً لتطوير النظام الصحي (بلسم) تضمّن اقتراحاً بتحويل مستشفيات الوزارة إلى مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية وذمّة مالية مستقلّة تملكها الدولة، مع إنشاء صندوق وطني لشراء الرعاية الصحية للمواطنين باختيار مقدِّم الخدمة الأفضل - سواءً من مستشفيات المؤسسة أو القطاع الخاص. وتتكوّن إيرادات الصندوق من الأموال التي تعتمدها الدولة للتأمين على المواطنين. أمّا غير المستشفيات فهو تحت إشراف الوزارة.
الآفاق المستقبلية للتخصيص:
تضمّن برنامج التحوّل الوطني الذى تبناه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سموّ ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان التوجّه إلى خصخصة عدد من القطاعات الحكومية، منها القطاع الصحي. وسيبتعد البرنامج عن الاندفاع من خلال مبدأ التدرّج الذي اتخذه البرنامج لتسهيل المتابعة والتقييم والتطوير. وأرى أن من أوّل عوامل نجاح البرنامج إقرار مبدأ التأمين الصحي الشامل للمواطنين الذي يمكن عن طريقه تمويل الخدمات العلاجية التي يحصل عليها المواطن من القطاع العام أو الخاص، ثمّ تنظيم هذه الخدمات بحيث يكون طبيب الأسرة في المركز الصحي الحكومي أو المجمّع الطبي الخاص الذي تسجّل فيه الأُسْرة هو محور تلك الخدمات. وسيمكن بهذا التنظيم الاستفادة القصوى من موارد كلٍّ من القطاعين العام والخاص بحيث يندمج هذان القطاعان في نظام صحي وطني واحد، لا ازدواجية ولا تكرار فيه ولا هدر للأموال، وتتاح فرص الاختيار أمام المواطن، وضمان الأمن الصحي في حالة قصور أيٍّ من القطاعين. وسيؤدي هذا النمط من التخصيص -إلى خفض عدد المراكز الصحية فى المدن خاصة- إلا أنه لا يحرم أحداً من الوظيفة أو يعرّضه للبطالة، لأن المجمعات الخاصة في حاجة لموظفين بسبب الدور الجديد الذي تقوم به من خلال طبيب الأسرة. وهذا النمط من التخصيص قد يكون هو الأقرب إلى واقعنا الاجتماعي. (وقد نبّه الخبير الاقتصادي د. عبدالرحمن السلطان إلى أهمية هذه النقطة الأخيرة في مقالته عن التخصيص بصحيفة الجزيرة في 2-4-1437هـ). وعلى أيّ حال فإن هناك خيارات متعدّدة للتخصيص.