سمر المقرن
تكاد تُجمع فئات المجتمع كافة، على أن الإسكان يعدّ الهاجس الأبرز لدى المواطنين السعوديين، نظراً لكون توفيره وامتلاكه يعني تحقيق الاستقرار والأمان، وإدراكاً من هذه الأهمية القصوى لشأن السكن، فإن حكومة خادم الحرمين الشريفين أكدت على أهمية وضع الحلول العاجلة التي تتيح للمواطن امتلاك السكن، الأمر الذي دفع إلى اتخاذ عدد من الإجراءات التي تسهم في تحقيق هذا الهدف، كان آخرها الموافقة على نظام رسوم الأراضي البيضاء الذي يجري العمل حالياً على إنهائه تمهيداً لتنفيذه الفعلي خلال أقل من عام.
الدعم الحكومي للإسكان كان ولا يزال حاضراً، إذ تم إنشاء وزارة تُعنى بهذا القطاع وتنظيمه قبل أكثر من 4 أعوام، ودعمها بما يصل إلى 250 مليار ريال لتنفيذ المشاريع الإسكانية في جميع مناطق المملكة، إلا أن آلية العمل لدى هذه الوزارة تعاني من حالة بطء أدت إلى عدم استلام معظم المستحقين للدعم السكني لمنتجاتهم السكنية، فعلى أرض الواقع.. لم تعلن وزارة الإسكان خلال الأعوام الأربعة الماضية عن أكثر من 2000 وحدة سكنية فقط شملت أحد المسارحة وخيبر وبريدة، في الوقت الذي لا تزال فيها عشرات المشاريع السكنية غير مكتملة بعد، على رغم البدء في تنفيذ بعضها منذ وجود الهيئة العامة للإسكان التي تحولت فيما بعد إلى وزارة، وهذا نظرياً يعكس وجود تعثّر في التنفيذ أدى إلى تأخر استفادة المواطنين المستحقين للدعم السكني منها، فيما اعتبر عدد من المحللين لسوق الإسكان أن الوزارة بمشاريعها تلك لم تضع حداً للمبالغة في أسعار الوحدات السكنية وكذلك الأراضي، لدرجة أن القروض العقارية سواء الصادرة عن صندوق التنمية العقارية أو حتى من البنوك لم تعد كافية -في كثير من الحالات- لتحقيق بيت العُمر!
مؤخراً، نقرأ بين فترة وأخرى عن خطط متنوعة تعمل عليها وزارة الإسكان في إطار تمكين المواطنين من امتلاك المسكن الذي تمتزج فيه الجودة العالية مع السعر المناسب، فالوزارة تحدثت عن برنامج «أرض وقرض» الذي يأتي من بين المنتجات السكنية المتاحة ويقوم على منح المواطنين المستحقين أراضٍ جاهزة للبناء مع قروض للبناء عليها وفقاً لرغباتهم الشكلية والتصميمية، وأعلنت الوزارة قبل نحو عامين عن توقيعها أكثر من 10 مشاريع بعد تحويل أراضي المنح الحكومية إليها بدلاً عن وزارة الشؤون البلدية والقروية، إلا أن تلك المشاريع التي استبشرنا بها خيراً لكونها توفر نحو أكثر من 100 ألف قطعة أرض، لم تكتمل هي الأخرى، على رغم أن العمل عليها يرتبط بتوفير خدمات البنية التحتية فقط، وليس فيها ما يتعلق بالبناء، ما دفع ببعض المواطنين الذين يصطفون على قوائم الانتظار إلى تمنّي الإبقاء على آلية المنح البلدية المعتادة حتى وإن كانت في بعضها تفتقد للبنية التحتية!
ولا شك أن الحديث عن السيطرة على ارتفاع أسعار سوق الإسكان يطول، فالسوق وإن كان يمرّ بفترة ركود بحسب بعض الاقتصاديين، إلا أنه حتى الآن لم يشهد العودة إلى الوضع الطبيعي، ولم يسجّل ذلك الانخفاض المنشود، ما يجعلنا نتساءل عن دور الوزارة في هذه المسألة وبرامجها المعدّة للتصدّي لتلك المغالاة التي باتت تتجاوز قدرات الكثير من المواطنين، خصوصاً فئة الشباب وحديثي الزواج الذين يقعون تحت طائلة الإيجارات المنهكة!
أعتقد أن وزارة الإسكان بصفتها المعنية بهذا القطاع، هي مسؤولة عن علاج أزمة السكن، وبالتالي فإن عليها تعزيز الخطط والاستراتيجيات التي تسهّل على المواطنين امتلاك السكن الذي يتوافق مع تطلعاتهم وآمالهم والابتعاد عن التصاريح المستفزة!