سمر المقرن
منذ ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها وهي ترتدي لباس التأثير الذي يُطال مختلف الشؤون، سياسياً، اقتصادياً، رياضياً، واجتماعياً وغيرها، فتلك المواقع أثبتت حضورها البارز على مختلف المجتمعات والدول، حتى باتت الكثير من الحكومات والجهات والأفراد يخشونها ويهابونها.
التأثير الذي تحمله هذه المواقع لا شك أنه ناتج عن مستخدميها الذين يتوزعون فيها بأعداد مليونية، وبالنظر إلى مجتمعنا السعودي نجد أن موقع «تويتر» يحظى بنصيب الأسد من المستخدمين الذين يبثّون رسائلهم المتنوعة التي تستهدف قضايا متنوعة، والتفاعل مع الأحداث المحيطة بهم، وتوظيف هذا الطائر الأزرق لإيصال أصواتهم ومطالبهم ورغباتهم إلى جانب ملاحظاتهم وانتقاداتهم، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تجاوب الجهات المعنية معها واتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاهها.
إنني اليوم أتحدث عن»تويتر» من خلال الجانب الممتلئ من الكأس، وقد كتبت في مقالات سابقة بعضًا من سلبياته، لكن مع هذا أؤمن بأنه منبرٌ إلكتروني يمتاز بصوته العالي سريع الوصول، إذ قدّم لنا منذ أن ارتبطنا به عشرات القضايا التي وجدت لها الصدى اللازم والمُنتظر، ما يجعلنا نقرّ تماماً بعِظم هذه النعمة التي حظينا بها والتي أسهمت في وضع الحلول الناجعة للكثير من المشكلات.
في المملكة، لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن نشهد فيه قضيّة أو اثنتين تُثار عبر «تويتر» وتصبح في منظومة قضايا الرأي العام، فخلال الأسبوع الماضي وحده كشف رواد هذا الموقع الفعّال، عن بعض التجاوزات التي وقع فيها أحد رجال الأعمال في محافظة جدة، وخلال ساعات تفاعلت إمارة منطقة مكة المكرمة مع الأمر، وعملت على إزالة التعديات المذكورة والمثبتة بعد أن تم تسليط الضوء عليها، الأمر ذاته حدث مع الأجهزة الأمنية التي ألقت القبض على حارس أمن في أحد البنوك، ظهر في مقطع فيديو متداول وهو يؤذي - بعنف- شخصاً آخر.
وتمتد القضايا التي عرّف بها «تويتر» واستطاع معها أن يصبح محرّكاً إيجابياً، مثلما تم تناول الدور الأبوي الذي قام به حارس إحدى المدارس تجاه الطالبات من عناية واهتمام، إذ طالب آلاف المواطنين بتكريمه وتشجيع الآخرين من زملائه على حمل هذه الأمانة بكل اقتدار، وهو ما تحقّق بالفعل، وكذلك كشف لنا موقع التدوين القصير ما قامت به الممرضة السعودية أريج القحطاني التي تمكّنت من مساعدة شخص كان ينزف في أحد المراكز التجارية إثر مشاجرة جمعته مع شخص آخر، ليصل الأمر إلى مبادرة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله الذي وجّه بتعيينها في مستشفى الحرس الوطني تقديراً لإنسانيتها وجهودها.
وبالحديث عمّا أثير في «تويتر» تبرز حادثة وزير الصحة السابق مع مواطن طالب بنقل والده المريض، إلا أنه لم يجد التجاوب الأمثل الذي يتناسب مع الحالة، وما هي إلا بضعة أيام حتى جاء قرار الإعفاء من المنصب الوزاري، وبالطبع أن في جعبة كل منا الكثير من القضايا الأخرى التي تبرهن على دور الموقع وأهميته لدينا.
المؤكد أن «تويتر» اليوم بات أشبه بصانع قرار، فما يدور فيه يؤخذ غالباً بعين الاعتبار، كما أنه في الوقت ذاته يؤكد يوماً بعد آخر أنه رقيبٌ صارم، من يقع في مصيدته فإنه لن يفلت من المحاسبة والعقاب، لذا لا يسعني إلا أن أقول تجاه كل ذلك: شكراً تويتر.