سمر المقرن
كنّا دائمًا نحسد الأمريكان والأوروبيين ويتم وصفهم بأنهم ذوي الدماء الزرقاء، إشارة إلى قوة نفوذهم وعلوّ مرتبة مواطنيهم. مع أن تسمية «الدماء الزرقاء» في أصلها تعود إلى وصف الطبقة الارستقراطية في إسبانيا، وهي تعني الأوروبيين الذين لم تختلط دماؤهم بالعرب في الأندلس آنذاك.
المهم، وبعيدًا عن هذا، فإن ما فعله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في عامه الأول، أن أعاد للمواطن السعودي الشعور بالقوة والمكانة العالية في قراراته التاريخية التي قصمت ظهر العدو الإيراني في كل جحوره، بداية من عاصفة الحزم في اليمن وحفاظًا على حدودنا الجنوبية، إلى قطع العلاقات مع هذا العدو الذي لا يكل ولا يمل من أذيتنا.
إن التغييرات السريعة التي حدثت خلال عام، هي ليست على المستوى السياسي والاقتصادي فقط، بل هذا يتبعه تغييرات في المناحي الفكرية والاجتماعية، وهدم الرواسب السلبية التي أنحدرت بالفكر المجتمعي، فهذا الحِراك السريع والمتلاحق هو رسالة فكرية للمجتمع وبأن فريق العمل مع سلمان بن عبدالعزيز يجب أن يكون على يقظة تامة، وإلا فإن الإقالة هي أسرع ما يُمكن إعلانه. فكرة الإقالة والتغييرات الوزراية بحد ذاتها هي تصنع فكراً مجتمعياً جديداً بعيداً عن الرتابة وحتى عن المحسوبية، وهذا يصنع فكراً إدارياً جديداً على جميع الأصعدة، بعيدًا عن الفكر الموروث الذي عايشناه لسنوات طويلة، فكر قائم على الجمود الإداري البعيد عن الحيوية التي نعيشها في عهد سلمان بن عبد العزيز.
رسالة أخرى يبعثها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للعالم كلّه ولشعبه، أنه رجل عملي جدًا لا وقت لديه يضيعه في غير العمل والحق والعدل، ولعل من عرفه في إمارة منطقة الرياض يُدرك أنه صاحب شخصية مختلفة ومميزة، لا يمكن مقارنة هذه الشخصية بأي شخصية أخرى، هو سلمان بن عبدالعزيز الذي لا يشبه أحداً، رجل مختلف لا يمكن أن يتكرر.
عندما يصعد إلى سدة الحكم أي شخص في أي بلد، يحتاج إلى سنوات ليبني علاقة مع شعبه، وليفهمه شعبه، لكن سلمان بن عبدالعزيز بشخصيته العملية اختصر الزمن والمسافات، ليقدم نفسه لشعبه في أولى أيامه، وها هو عامه الأول انقضى وقد فهمنا جيدًا شخص وفكر وحكم سلمان بن عبدالعزيز. شخص واضح لا يحتاج في أي تصرف من تصرفاته إلى محاولة فك ألغاز، ليس لديه ما يخفيه، ليس لديه سوى مصلحة وطنه وشعبه.
الوقفة القوية التي رفع فيها رؤوس شعبه مع العدو الإيراني تكفي لتكون الحدث الأول الذي يبني التغيير، أتذكر كثيرًا ما أمر على كتابات بعض أذناب إيران سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع الإنترنت و-أحيانًا- في الصحافة الورقية، كانوا يطبلون لهذا العدو بكل بجاحة تجرح مشاعر أي مواطن سعودي، بصدق.. لم أعد أرى هؤلاء، إنه الحزم!