سمر المقرن
لا أظن أنه أمر واقع ومقبول ومسموح به أن يتم إستيراد محامي من دولة عربية لمباشرة قضية في محاكم سعودية، ولو افترضنا أن هذا مسموحًا فإن أجرة هذا المحامي الوافد مع مصاريف سفره وإقامته لن تُكلّف ربع قيمة أجرة المحامي السعودي الخيالية وغير المنطقية.
أتوقع أنه آن الأوان للنظر في موضوع أجرة المحامي، وتقنين الأسعار مع وضع لائحة تحدد تسعيرة أتعابه، لأن ترك الموضوع عبثي وعشوائي يدخل فيه كثير من الاجتهادات التي تؤدي في بعض الأحيان إلى وقوع الضحية المحتاج إلى دائرة النصب!
الملفت للنظر في تسعيرات مكاتب المحاماة، أن صاحب القضية قد يذهب إلى أحدهم ويجد تسعيرة مختلفة تمامًا عن مكتب آخر، وهذا يعود إلى ترك نظام الأسعار بعيدًا عن التقنين وعدم وجود حد أدنى وحد أعلى للأتعاب في القضية. إحدى النساء بعثت لي تخبرني أن المحامي طلب منها أجور أتعابه في قضية طلاقها مبلغًا يفوق مهرها الذي كانت مجبرة أن تعيده لطليقها بأمر القاضي، فأين الرقابة والمسؤولية على مكاتب المحاميين؟!
إن الأجر للمحامي هو حق من حقوقه، لكن أن يكون أجرًا خياليًا وبعيدًا عن الواقع والمنطقية فهنا يكون تجاوز حقوقه المادية المفترض أن يأخذها نظير أتعابه في ملاحقة القضية، أعلم أن هناك من يقول بأن عدم وجود لائحة لتحديد قيمة أتعاب المحامي تعود إلى التفاوت بين قضية وأخرى، لكن هذا ليس بالصعب لوقامت الجهات المتخصصة بحصر القضايا المتداولة في المحاكم ومن ثم إيجاد لائحة لتسعيرها ضمن المعايير الصحيحة، وتكون التسعيرة على نظام فئات كأن يتم التصنيف على شكل (فئة أ) و (فئة ب) و (فئة ج) ويتم تقييم هذه الفئات بحسب سمعة المحامي أو المكتب ومدى خبراته، فأيضًا من الظلم مساواة أتعاب محامي عريق له أسمه وسمعته بمحام ناشئ!
هذه التصنيفات وتقنين الأسعار باتت أمرًا مهمًا يحمي المحامي نفسه ويحمي صاحب القضية، على أن لا تُترك الأسعار بهذا الشكل العبثي الذي أوصل بعض مكاتب المحاماة إلى المتاجرة بالقضايا. فهذه المهنة إنسانية بالمقام الأول وهدفها الأول هو إظهار الحق، فكيف يُمكن لمحامي يبحث عن الحق أن لا يمنح موكله الحق في سعر عادل يُناسب قضيته؟!
صحيح أن مهنة المحاماة تُعتبر ناشئة في المملكة، وكل شيء في بداياته يُعتبر في مجال التجريب وتسجيل النتائج الإيجابية والسلبية، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك لائحة تحمي الجميع من جشع -بعضهم- أو المتاجرة بالقضايا الإنسانية.
إن الرسالة السامية التي تحملها مهنة المحاماة تتعارض كليًا مع تسعيرات بعض المكاتب التي يضطر ـأحيانًا- أشخاص للرضوخ لطلب المحامي سعر خيالي مقابل أن يظفر بحكم يرضيه، هذا لا يُمكن أن يتقابل في الوقت ذاته مع احترام هذه المهنة الوقورة، لكن الأمر لا يُمكن تركه للاجتهادات الشخصية، فبدون لائحة أسعار وجهة عملية تُراقبها، ستضيع هذه المهنة التي سعدنا بانتشارها في مجتمعنا في غياهب المتاجرة والطمع!