د. محمد بن يحيى الفال
لغتنا العربية العظيمة التي شرفها المولى جلت قدرته بأن تكون لغة آخر كتبه للبشرية تزخر بالكثير من الأمثال والأقوال التي لا يخطي المرء عندما يستعملها في وصف ما جاء من أكاذيب وتُرهات وضلالات تضمنها مقال وزير خارجية دولة الملالي السيد محمد جواد ظريف لصفحة الراي بصحيفة النيويورك تايمز الأمريكية الصادرة في نيويورك،
ينطبق على ما جاء في مقاله أمثله عربية شهيرة من قبل رمتني بسمها وأنسلت، كاد المريب أن يقول خذوني، شر البلية ما يضحك وأخيراً أن لم تستحي فأصنع ما تشاء. وتزداد الغرابة بأن من كتب المقال ونشرها على صفحات الصحيفة الأمريكية الشهيرة هو الرجل الأول لدبلوماسية دولة الملالي التي صدعت الجميع بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر وبشعار الموت لأمريكا، ولعل المرء أيضاً يضرب أيضاً كف بكف ويهز رأسه ساخراً عندما يقرأ ما احتواه المقال من أكاذيب هي جوهره من ألفه الي يائه. ويبدو بأن المقال وبالطريقة التي كتب بها جاء بعد صدمة قطع المملكة لعلاقاتها الدبلوماسية مع طهران. أتهم ظريف المملكة بأنها ترعي الإرهاب وبأنها مصابة بما أسماه بمتلازمة «إيران فوبيا» التي تعني الخوف من إيران، والتي يبدو أن متخصصاً أمريكياً أشار له باستعمالها لارتباطها بمصطلح حقيقي ومُشاهد وله تباعاته على أرض الواقع والمتمثل بالإسلام فوبيا.
اتهام ظريف للمملكة بالإرهاب هو كمن يحاول أن يبيع الماء في حارة السقايين أو لمن يحاول أن يسوق الثلج لشعب الأسكيمو، فهو أمر لن ينطلي على أحد لدية الحد الأدنى من المعرفة بالشأن الدولي وبموضوع الأرهاب ورعاته الدوليين والتي تشكل دولة الملالي أحد اهم داعميه ومروجيه في العالم. ولكل مشكك إن وجد فالسجلات لا تكذب ولا تخطئ مهما حاولت الأكاذيب أن تسوق لخلاف ذلك. فبمقارنة بسيطة سريعة بسجل كل من المملكة وجمهورية الملالي فيما يخص موضوع الإرهاب فلن يجد المرء سوء مقارنة لا تستقيم مطلقاً، مقارنة بين فكرين مختلفين تماماً، مقارنة بين برتقالات وتفاحات كما يقول الأمريكيين في أمثالهم، فالفرق ٍبين جلي، بين مكافح ومتضرر من الإرهاب كما هي المملكة التي نظمت مؤتمر دولياً في العام 2005 لمكافحة الإرهاب صدر عنه إعلان الرياض ودعمت الأمم المتحدة بملايين الدولارات لإنشاء مركز عالمي لمكافحة الإرهاب، وبين راعي وداعم له كما هو وضع جمهورية الملالي. المقال كذلك أثبت بأن السيد ظريف يتمتع بميزة يطلق الأمريكيين على صاحبها لقب كاذب قهري لمن لا يستطيع كبت لجام كذبه وليبدو للآخريين بشكل يختلف جذريا عن مكنوناته الحقيقية (Compulsive Liar).
إن أثبات جرائم دولة الملالي أمر لا يحتاج إلى خبير أو متخصص فهو أمر يستطيع أن يضطلع به باحث مبتدئ لكون جرائمها وفظائعها التي اقترفتها لا يمكن حجبها أو التستر عليها إلا كمن يحاول بغربال أن يخفي الشمس في رابعة النهار.
جرائم دولة الملالي الإرهابية شهدها الداخل الإيراني نفسه بحق الشعب الإيراني المغلوب على أمره من القوميات التي تشكل غالبية السكان من أذريين وكرد وعرب وغيرهم، وحتى الفرس منهم هم عرضة لسطوة وارهاب دولة الملالي اذا حاولوا فقط التعبير عن افكارهم بشكل سلمي ومثال ذلك ما نقلته وسائل الاعلام لمقتل للشابة الإيرانية نداء أغا سلطان في 20 يونيو 2009 من قبل مليشيات الباسيج الإرهابية التي تمثل شرطة دولة الملالي، وتركوها في قارعة الطريق وسط طهران تنزف حتي الموت. والمضحك بأن دولة الملالي ولتمتص الغضب الشعبي الذي رافق مقتل ندا سلطان، اتهمت المخابرات الأمريكية بالجريمة.
وجرائم دولة الملالي المخالفة للقانون الدولي والمتعلقة بحقوق البعثات الدبلوماسية التي كفلتها اتفاقيتي فينيا للعام 1961 والعام 1963، جرائم معروفة، كما حدث للسفارة الأمريكية واحتجاز موظفيها أسرى لمدة 444 يوماً، وكان آخر سلسلة جرائم دولة الملالي ضد البعثات الدبلوماسية الهجوم المخزي على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد. إرهاب دولة الملالي امتد لتقويض السلم الاجتماعي العربي، ومثال ذلك واضح جلئ في سوريا فساعدت نظام سفاح دمشق على قتل وتشريد الشعب السوري والذي وجد من بعد الله في بعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة السنيد في محنته، فالسجلات التي لا تكذب تؤكد بأن المملكة تحتضن أكثر من مليونين من الشعب السوري الشقيق أمنت لهم العيش الكريم ولا تنظر لهم كلاجئين، بل تنظر لهم سواء من قبل قيادتها وشعبها كإخوة مسهم الضرر وتعرضوا للظلم والقهر من قبل نظام قاتل أرتهن لدول لا هم لها سوى إشاعة الفوضى من أجل مصالحها وخططها التوسعية. هل ذكر ظريف في مقاله كم من السوريين الذين احتضنتهم بلاده تضامنا مع ظروفهم الإنسانية العصيبة، لا يستطيع ولن يستطيع، لسبب واحد لا يخفي على أحد كون الجلاد لن يرفق ولن يهتم بالضحية، بل هو الداعم والمساند للنظام للمزيد من القهر والمعاناة للشعب السوري الشقيق. وكما أن الدور الأرهابي لدولة الملالي واضح في سوريا فهو كذلك في اليمن والذي دعمت فيه دولة الملالي عصابة الحوثيين الهمجية التي حاولت أن تجعل من اليمن قاعدة لتنفيذ مخططات دولة الملالي للتحكم والتوسع في العالم العربي. سجل إيران الإرهابي في اليمن الذي لم يذكره ظريف في مقاله أدي إلى قتل الآلاف من اليمنيين ومحاصرة المدن وقصف المستشفيات وتشريد مئات الآلاف من المدنيين، مالم يذكره ظريف في مقاله المخزي بأن المملكة ومع بدء العمليات العسكرية والمدعومة من قبل الأمم المتحدة، قامت بتصحيح أوضاع أكثر من نصف مليون يمني لتمكنهم من العيش الكريم ولتخفف عنهم مأسي الحرب التي شنها أذنابهم من عصابة الحوثي وصالح بالوكالة عنهم. ما لم يذكره ظريف في مقاله هو أن المملكة أنشئت ومن منطلق أنساني مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لدعم العمل الإنساني للشعب اليمني الشقيق والشعوب التي تواجه أزمات إنسانية، مالم يذكره ظريف في مقاله هو ماهو عدد اليمنيين الذين أجلتهم إيران إليها واستضافتهم حتى تنتهي أزمة الحرب التي شنها أذنابهم. لنستطيع ظريف ذكر إجابات لكل هذه التساؤلات، لأنه وببساطة لا يملكها فدولته التي يرأس دبلوماسيتها ضالعة ومتخصصة في جلب الدمار والمآسي أينما حلت والشواهد لا تعد ولا تحصي فجرائم دولة الملالي تنوعت وكانت الكثير من بقاع دول العالم مسرحا لها، دول مثل العراق، لبنان، الكويت، المملكة العربية السعودية، البحرين، فرنسا، الأرجنتين وبلغاريا. دولة بهذا السجل الإرهابي غير المسبوق تجد مساحة لوزير خارجيتها لنشر أكاذيبه في صحيفة تتدعي الليبرالية ومناصرة حقوق الإنسان والالتزام بالقيم الأمريكية.
المحور الثاني الذي تناوله ظريف في مقاله هو اتهامه للمملكة بأنها مصابة بما أسماه بالخوف من إيران «إيران فوبيا» وذلك بعد أن وقعت دولته الاتفاق المبدئ لإنهاء ملف برنامجها النووي عام 2013، ولعل الثوابت كلها تنفي ما ادعاه والسجلات كذلك توضح بأن المملكة كانت دوماً داعمة لحقوق إيران في تملك التقنية النووية للأغراض السلمية ولقد صرح بذلك عدة مرات وفي مناسبات مختلفة وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل رحمه الله. وموقف المملكة من دولة الملالي لم يكن بسبب ملفها النووي، بل كان نتيجة لأطماعها التوسعية ولتدخلاتها في الشأن العربي والذي لا يختلف عليه اثنان ومعروف للقاصي والداني في كل من لبنان، العراق، سوريا، البحرين وأخيراً اليمن. واختيار الوزير مصلح «إيران فوبيا» ينقلب عليه جملة وتفصيلاً بمقارنته مع مصطلح «إسلام فوبيا» فدولته دولة الملالي كانت السبب الرئيس من وراء تفشي ظاهرة الخوف من الإسلام سواء بأعمالها الإرهابية التي شهدتها الكثير من مناطق العالم أو بالطقوس الكهنوتية التي لم ينزل بها الله من سلطان والمتمثلة في إيذاء النفس بطرق لا يقرها العقل ولا المنطق والتي تفسر من قبل من يشاهدها بأن اتباعها محبين لسفك الدماء، وبأن من يؤذي نفسه فليس من المستبعد أن يؤذي الآخرين. وإضافة لإيذاء النفس أدخلت مخيلات الملالي الشريرة مصطلح ولاية الفقيه التي تجعل عن كل ما يصدر من المرشد الأعلى أمراً لا يُناقش ومُؤيد من السماء لكونه معصوماً لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من أمامه. فإيران فوبيا ليست إلا في خيال ظريف والذي نسي بأن دولته بسياستها الإرهابية والإجرامية هي من وراء انتشار حقيقي يزداد لظاهرة الاسلام فوبيا. حقيقة أخري لم ينسها ظريف، بل نستها وتجاهلتها صحيفة النيويورك تايمز وهي بأن من كتب المقالة هو وزير لخارجية دولة الملالي راعية الإرهاب العالمي، والتي كانت حتي بالأمس القريب تتربع على عرش محور الشر المصنف أمريكيا (Axis Of evil).