د. محمد بن يحيى الفال
تاريخياً فإن لقب الإمام ارتبط بالدولة السعودية منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله (1157هـ- 1744م)، والذي كان أول من حمل اللقب مستشعراً المهمة الصعبة التي ألقيت على كاهله في تأسيس حكم في جزيرة العرب يستند في كل تفاصيله على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وتبعه في حمل اللقب وأعبائه أبناؤه الأئمة خلال الدولة السعودية الأولى، والذين حملوا أعباء اللقب بكل رجولة واقتدار بقصص مازلت تروى عن شجاعتهم وتضحياتهم.
ولعل من الصدفة والغرابة بأن كل من حمل اللقب بعد ذلك وخلال الدولة السعودية الثانية والثالثة كانت حينها البلاد تمر بظروف صعبة، وهو الأمر كما كان في عهد الامام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية والامام عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس الدولة السعودية الثالثة والتي بحمد الله نعيش فيها حالياً بأمن وأمان في زمن أضحت الفتن والقلاقل سمة من سماته، في حقبة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي اختير من قبل مجلة فوربيس الأمريكية كأقوى شخصية مؤثرة في العالم العربي لعام 2015. وشعبه يرى ذلك جلياً وبوضوح ولا حاجة فيه للاستفتاءات وان جاءت تؤكد بأن شخصية الملك سلمان التي نرى فيها وكأننا نقرأ التاريخ قوة وحزم أبائه وأجداده الأئمة المؤسسين الذين كانوا فرساناً في الحق ومناصرين للضعفاء ولا تأخذهم في تحقيق ذلك لومة لائم.
ومنذ توليه مقاليد الحكم سعى الملك سلمان منذ أقل من عام مضى، لوضع رؤى جديدة لمؤسسة الحكم ولإدارة شئون البلاد مع إرسال رسالة لا لبس فيها بأن المملكة قادرة بعون الله على دحر كل الأعداء والمتربصين بأمنها. رؤياه في ضخ دماء شابة في مؤسسة الحكم نرى صداه في انجازات مميزة لمن اختارهم لإدارة البلاد في ظروف غاية في الخطورة والحساسية، قرار حاول المتربصون بالمملكة من أعداء أن يفسروه حسب أهوائهم العدوانية، ولتثبت مؤسسة الحكم والمتمثلة في العائلة بأنها أنضج وأفهم وأعرف برؤى الملك الهادفة لحماية المملكة من الأخطار المحدقة بها، ولتؤكد تلاحما نادرا تطابقت فيه رؤى المواطنين مع رؤى العائلة، وليؤكد كلاهما بعد نظر ملك الحزم. فسمو ولي العهد وزير الداخلية الأمير/ محمد بن نايف يحمل ملف الامن الداخلي في البلاد بخبرة ممتدة لسنوات كثيرة عندما كان وكيلاً لوزارة الداخلية للشئون الأمنية. والملف الأمني هو من أهم الملفات لأي دولة من دولة العالم، فلا تنمية ولا حياة مستقرة آمنة بدون أمن مستقر. ونرى نجاحات وزارة الداخلية في هذا المجال والتي لا حصر لها وان كانت مشاهدة، فيما تعلنه الوزارة من خلال متحدثها الرسمي المميز عن ضربات استباقية لأوكار الإرهاب ، ضربات توضح مدى الجهد والعمل الدؤوب المستمر والذي لا يعرف الكلل ولا الملل من أجل أمن المواطنين والمقيمين على حد السواء.
كذلك يكتب لوزارة الداخلية أنها أكثر الوزارات استخداماً للتقنية الحديثة فيما يخص تكنولوجيا المعلومات مما سهل معه إجراءات المواطنين والمقيمين الذين يتجاوز عددهم ثمانية ملايين مقيم، يمثلون أكثر من مئة دولة من دول العالم، جاءوا من عادات وثقافات متباينة ومختلفة. كذلك تأخذ الوزارة على عاتقها أمن الحجاج والمعتمرين الذين يزورن المملكة على مدار العام، وانجازاتها في هذا المجال مشاهدة ومعروفة من الجميع.
وكما هي إنجازات الملف الأمني، نرى انجازات ولي ولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان وزير الدفاع الذي أدهش الجميع بحنكته وخبرته وإداراته العالية الكفاءة لعمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وقدرته وحنكته على تأسيس تحالفات سواء عسكرية أو اقتصادية، وهو الذي صوت له في استفتاء أعلن عنه مؤخراً بأنه من أكثر الشخصيات تأثيراً في الشرق الأوسط، استفتاء شارك فيه حوالي خمسة ملايين شخص. وشخصية الأمير محمد بن سلمان جاءت لتؤكد المقولة المعروفة بأن الأمم لا تنصر إلا بشبابها.
ولم ينجح سموه فقط في إدارة العمل العسكري بل نجح باقتدار في التفاوض مع الروس لبناء أكثر من 16 مفاعلاً نووياً في المملكة للاستخدامات السلمية، خصوصاً في مجال توليد الكهرباء وتحلية المياه المالحة، الكهرباء والماء عصبا التنمية لكل اقتصاد، وسوف يوفر استخدام الطاقة النووية ملايين البراميل من النفط التي تستخدم حالياً في توليد طاقة الكهرباء وتحليه المياه.
ويعتبر هذا الاتفاق الذي أبرمه سموه مع روسيا هو أول جهد حقيقي في مجال توفير احتياطات النفط للأجيال القادمة.
وفي مجال إدارة شئون البلاد، تتضح رؤى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان واضحة في إشراكه لفئة الشباب في تولي دفة شئون البلاد وهم الذين يمثلون حوالي 60% من مجموع السكان. رؤيا تتمثل في الجمع بين طموح الشباب وخبرة أصحاب التجارب من أجل مصلحة البلاد والعباد.
كذلك وانطلاقاً من تجربته الإدارية الممتدة لأكثر من خمسين عاماً في حكم الرياض والتي يراها القاصي والداني محسوسة في العاصمة الرياض التي تحولت من مدينة صغيرة بأحياء معدودة إلى أكثر عاصمة تطوراً ونمواً في الشرق الأوسط، وذلك من خلال خططه الطموحة والتي كان يُشرف عليها شخصياً. ومن أجل تسريع العمل الحكومي لمصلحة الوطن المواطن، وجه بإلغاء كافة المجالس الحكومية السابقة والاكتفاء فقط بمجلسين وجه باستحداثهما وهما مجلس الشئون السياسية والأمنية ومجلس الشئون الاقتصادية والتنمية.
وجاءت عاصفة الحزم التي قادتها المملكة بالتعاون مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبعض الدول العربية وبتفويض من الشرعية اليمنية والشرعية الدولية المتمثلة في مجلس الأمن لتؤكد لكل من لديه شك بأن المملكة دولة سلام، ولكنها ومع ذلك فإنها لن تقف مكتوفة الأيادي في دحر كل عدوان وبلا تردد ولكل من يحاول العبث بأمنها أو بمحيطها الإستراتيجي.
رؤى خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز المبنية على تجارب متراكمة في الحكم المحلي والشأن الدولي تسير بالمملكة بخطى واثقة كما كان حال ثقة الأئمة المؤسسين نحو مستقبل مشرق مزدهر برغم الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم. رؤاه كما كان أجداده الأئمة ترتكز على الإيمان والثقة بالله عز وجل ثم بمواطنين يرون أن الانتساب لهذه البلاد التي شرفها الله بالحرمين الشريفين شرف وعزة وقادرين بعون الله وتوفيقه على المضي بها دوماً إلى بر الأمان مهما كانت الصعاب والتحديات.