فاطمة العتيبي
تتمكن مؤسسات القطاع العام من تحقيق الجودة في خدماتها حتى لو لم تكن ميزانياتها المالية عالية جدا، فالتحدي هو كيف تحقق رضا المستفيد بجودة عالية وبأقل المصروفات وأقل الجهد وأقل المدة الزمنية.
هذه خلاصة كل نظريات الجودة العالمية، ويعمل برنامج التحول الوطني على تحقيق هذا الطموح التنموي العالي ويتخذ من الخصخصة، حتى أن هناك أكثر من 146 خدمة قيد دراسة التخصيص أهمها أرامكو، وفتح المجال للقطاع الخاص كي يستثمر في االقطاع العام ويتنافس في تقديم الخدمة للمواطنين والمستفيدين ليس بجديد على نظام المملكة الاقتصادي لكن الجديد هو التوسع فيه.
عرف السعوديون خصخصة الاتصالات، والواقع يثبت أن التجربة ناجحة 100 في المائة، والتنافس بين الشركات لإرضاء المستفيد لا يزال مستمرا.
لكن هناك (تجربة) فاشلة خاضتها المملكة بقيامها بالتمهيد نحو خصخصة المستشفيات حتى أنها أوقفتها لأن الشركات المشغلة لم تكن على المستوى المطلوب فقدمت للمواطن مستوى متهالك من الخدمة.
لكن تكرار التجربة مقبول بمعالجة الأخطاء القديمة فالصحة ذات علاقة بشركات أدوية ومعدات وهناك توافق عالمي على خصخصة المستشفيات.
على عكس التعليم والقطاعات العسكرية فهي تمثل هوية الدولة هيبتها ولا تترك تحت طائلة التجريب.
الخصخصة مخرج يستند إليه برنامج التحول الوطني المعتمد على ما بشر به تقرير ماكينزي عن فرص نمو السوق السعودي والقضاء على بطالة السعوديين وارتفاع دخل الفرد وتنوع موارد الدخل وعدم الاعتماد على النفط.
أمضيت سنة في أمريكا كنت أتأمل كثيرا في مستوى الخدمات مقارنة بقلة الصرف عليها، فوجدت السر في مراقبة الجودة، تجد الكاميرات في مكاتب الموظفين وعلى البوابات وعلى أعمدة الإنارة في الشوارع وعلى أشجار الحدائق وحول صالات المطاعم والمستشفيات وغرف المرضى وفصول المدارس ومكاتب المديرين والوزراء، الحياة منسابة والقوانين مطبقة لكنها مكشوفة ومعلنة، الجودة في الإنجاز مضمونة لأن الخدمة تقدم وتقيم أولا بأول ويتم الرجوع عند الحاجة إلى الصور لفض الخلاف والتظلمات! هناك فرق تدقيق صارمة تأتي فجأة وتقابل المستفيدين وتسجل آراءهم ويؤخذ بها كعنصر مهم في تقييم أداء الجهة وموظفيها.
الخصخصة تمنح الحكومة فرصة كي تتفرغ لضبط ومراقبة الجودة بينما يتفرغ القطاع الخاص للجودة والإنجاز، هذا اقتسام أدوار سيكون الرابح فيه هو المواطن حيث تتحقق له الرفاهية والحياة الكريمة.
بين يدي الآن دليل نظام ضبط الجودة والتدقيق للأجهزة العليا وهو يشتمل على تفصيل وتقنين لحوكمة القطاع العام بدءا من التخطيط وانتهاء برفع التقارير عن مراقبة الجودة.
وأقترح أن يكون لكل قطاع عام كيان إداري مستقل تحت اسم الحوكمة وضبط الجودة للقيام بعمليات مهمة ومستقلة تمكن هذه المؤسسات من أداء دورها المنتظر في برنامج التحول الوطني.