فاطمة العتيبي
اجتهدت لألتقي بخبير تعليمي كوري ونجحت في أخذ موعد للتحدث معه حول الحوكمة في تعليم كوريا الجنوبية، ومنحني مفاتح كثيرة استفدت منها في بحثي، لكن الشيء الذي قاله على هامش اللقاء أردت أن أشارككم فيه: قال إنه يستغرب إعجابنا بتجربة الكوريين مع أنها تجربة لم تنتج إلا طلبة يحققون أعلى الدرجات في الرياضيات والعلوم ويفوزون في المسابقات لكن ثم ماذا؟ لا شيء لأن العبرة بأعداد المبتكرين أو المبدعين؟
فماذا نستفيد من طلبة تقديرهم امتياز لكنهم بلا موهبة!؟
فقلت لكن كوريا تطورت، قال كثير من الكوريين الذين استفادت منهم كوريا هم الذين تعلموا في أوروبا وأمريكا.
لأن نظامهم التعليمي حر ويعتمد على الاهتمام بالمواهب والابتكار، حيث تتبنى الشركات الكبرى الموهوب من صغره وترعاه، والأغرب أنه قال : المعلم لديكم مقدر أكثر من المعلم في أمريكا وكوريا الجنوبية وإن المزيد من تقديره سيعود على التعليم بالأثر الإيجابي!
قلت بماذا تنصحنا لحل مشكلة المباني المستأجرة، قال ماذا تعني المباني المستأجرة؟؟
لأول مرة يسمع بهذا المصطلح في تجربته التعليمية؟
لكن بعد أن أوضحت له أن الدولة ومع زيادة المواليد الكبيرة في المجتمع السعودي لا تجد خيارا أمامها عند بلوغ هؤلاء المواليد سن الدراسة دفعة واحدة وبأعدادهم الكبيرة مع حرصها على منحهم فرصة التعليم المجاني فإن استئجار المباني هو الحل المؤقت والمخرج المنقذ.
قال تعلمين: نحن في كوريا الجنوبية نعاني من إغلاق المباني المدرسية لعدم وجود طلاب، لأن نسبة المواليد منخفضة ومجتمعنا يشيخ ويهرم!
فقال مبتسما: إنني أغبطكم.. فالمجتمعات الشابة مجتمعات متغيرة ومتحولة وحيوية!
وأضاف: اهتموا كثيرا بنسبة عدد الطلاب لعدد المعلمين. حتى يحصل التلميذ على الجرعة التعليمية المناسبة ويجد المعلم متسعا للإبداع والابتكار.
لاحظ كيف يتحدث خبير عن تجربة بلاده ويضع أمامك السلبيات حتى تتجاوزها في بلدك. هذا ما وصفته في مقالي السابق بأن فسيفساء البشر حين تتعرف عليها عن قرب تهديك خلاصة بريقها والتماعاتها بدون أن تنتظر مقابلا لذلك، يكفيها كلمة شكر ورائحة قهوة عربية تسكبها بود واحترام!