د. عبدالواحد الحميد
ما تصنعه أمانة الرياض هذه الأيام من إزالة للتعديات والمخالفات التي تقوم بها شركات المقاولات والمؤسسات التجارية والأفراد في الأراضي البيضاء وفي الشوارع داخل الأحياء في مدينة الرياض هو خطوة موفقة نتمنى أن تتصاعد وتيرتها لتخليص المدينة من الفوضى والتشويه التي ما زالت تمارس بشكل يوحي بأن المخالفين لا يأبهون بالأنظمة ولا يتوقّعون تطبيقها عليهم!
شوارع مدينة الرياض، كما أشرت في مقال سابق، أصبحت نهباً لممارسات شركات المقاولات التي لا يقيم بعضها وزناً لأهمية المحافظة على جمال المدينة وعلى سلامة سالكي الشوارع، بل حتى لا يقيمون وزناً للأنظمة التي تفرض عليهم - من الناحية النظرية - إعادة حالة الشوارع إلى ما كانت عليه قبل تنفيذ المشاريع الجزئية مثل تصريف المياه وتمديد الكهرباء.
يضاف إلى هذا كله ركام المخلفات التي تتركها تلك الشركات والمؤسسات حتى أصبحت المساحات البيضاء داخل الأحياء مكبَّات بشعة المنظر! ويُضاف أيضاً إلى هذا ما نراه من العشوائيات المتناثرة في أحياء المدينة بما يشوّه جمالها ويعرقل حركة العمل والتنقل ويجعل بعض الأحياء لا تختلف عن الأحياء الكئيبة الغارقة في الفوضى في بعض البلدان المتخلفة الفقيرة.
إن المسافر القادم من الدمام إلى الرياض عبر الطريق السريع الرائع الممتد بين المدينتين يُصدم حين يصل إلى المداخل الشرقية لمدينة الرياض عندما يرى على يمينه حظائر الإبل الممتدة طويلاً وما يحفل به المكان من فوضى وتشويه لا يليق بالعاصمة. هذه المناظر الصادمة هي أول ما يرى القادم من معالم مدينة الرياض، فهل هذه هي الصورة الذهنية التي نريدها لمدينة الرياض؟!
نعم هناك فوضى وتعديات وعشوائيات داخل مدينة الرياض الجميلة، وهي بثور بشعة في وجهها يجب إزالتها فوراً. وقد نشرت «الجزيرة» قبل أيام خبراً عن جهود تبذلها أمانة الرياض لمعالجة هذا الوضع المزعج وغير الحضاري، فنرجو ألا يكون ذلك فقاعة سريعة تنتهي بعد عدة جولات للأمانة ثم يعود المخالفون إلى ممارساتهم السابقة.
سكان الرياض يعيشون تحت وطأة ثقيلة من الزحام الخانق في شوارع المدينة، وهم يتحمّلون ذلك برحابة صدر طالما أن نتيجة الصبر هي مشاريع تنموية تطويرية، لكن ما لا يمكن تحمّله هي التعديات والعشوائيات والفوضى التي لا علاقة لها بالتنمية وإنما هي نتيجة لتصرفات غير مسؤولة من بعض شركات المقاولات والمؤسسات التجارية والأفراد، وهذا ما نتمنى من أمانة الرياض ومن غيرها من الأجهزة الحكومية أن تتصدى لها بشكل منهجي مستمر وليس بشكل فورات وفقاعات مؤقتة.