د. عبدالواحد الحميد
الضجيج الذي يعلو في أوساط بعض منظمات حقوق الإنسان العالمية وتعكسه بعض وسائل الإعلام في أعقاب تنفيذ أحكام الإعدام بحق إرهابيين في المملكة هو نفس الضجيج المعهود الذي يتعالى دائماً للمطالبة بإلغاء أحكام الإعدام بشكل نهائي مهما كانت الجريمة التي يقترفها المحكوم عليهم بالإعدام.
هذه المنظمات تُصادر حق المجتمع في الأمن والأمان مقابل المحافظة على حياة أفراد معدودين يهددون جميع أفراد المجتمع وينسفون السلام والطمأنينة ويبثون الرعب في النفوس!
ومن الغريب أن هذه المنظمات لا يعلو لها صوت عندما يقترف القتلة جرائمهم ولكنها تصدر بيانات الشجب والاحتجاج وتُسَيِّر المَسيرات والمظاهرات وتوقد الشموع وتذرف الدموع حين يتم تنفيذ حكم الإعدام بقاتل أزهق أرواحاً بريئة.
هذه الأصوات كثيراً ما يتم توظيفها وتسييسها للإساءة إلى أديان أو دول أو ثقافات معينة ووصمها بالوحشية، وهو ما يتم الآن بحق المملكة العربية السعودية. فحين يُقال عبر الإعلام أن منظمات حقوق الإنسان تستنكر تنفيذ حكم الإعدام بحق سبعة وأربعين إرهابياً في السعودية لابد أن نتذكر أن هذه المنظمات هي نفسها التي تستنكر إعدام أي قاتل في أي مكان. لكن عندما يتعلق الأمر بالسعودية أو بالمجتمعات التي تسودها ثقافات إسلامية أو حتى عندما يتعلق الأمر بالدين الإسلامي نفسه، سرعان ما يتم تسييس بيانات منظمات حقوق الإنسان وتوظيفها لمهاجمة السعودية أو الثقافة العربية والإسلامية أو الدين الإسلامي.
نحن في المملكة العربية السعودية لا يهمنا أن تكون منظمات حقوق الإنسان مشغولة، مثلاً، في الدفاع عن «حقوق» المثليين والمطالبة بالسماح لهم بالزواج أو حقوق القتلة في الحياة، فهذا شأنها؛ لكننا قطعاً مهتمون قبل أي شيء آخر بأمن وطننا والحفاظ عليه ومكافحة الإرهاب واجتثاث جذوره. هذه المنظمات لها أولوياتها ونحن لنا أولوياتنا، وأولويتنا المطلقة هي الحفاظ على أمن الوطن.
واقع الأمر أن الناس في مجتمعنا كانوا يتحدثون طيلة السنوات الماضية عن الأسباب التي تؤخر تنفيذ أحكام الإعدام بحق الإرهابيين ويتذمرون من البطء الشديد في إجراءات المحاكمات وكأن حقوق الإرهابيين أهم من حقوق بقية أفراد المجتمع.
لقد جاء تنفيذ أحكام الإعدام بحق الإرهابيين ليس فقط كاستجابة لمطالبة شعبية بالاقتصاص من الإرهابيين وإنما أيضا بعد استنفاد كل الإجراءات القضائية التي امتدت سنوات طويلة. وإذا كان هذا لا يعجب بعض منظمات حقوق الإنسان الأجنبية التي ترفض أحكام الإعدام بحق أي مجرم مهما كانت جريمته فهذا شأن تلك المنظمات، وما يهمنا هو أمن الوطن وسلامة المواطن وما عدا ذلك فهو هوامش صغيرة.