د.ثريا العريض
تحولت قضية داخلية بحتة ضد الإرهاب إلى قضية تجيرها جهات كثيرة لمصالحها؛ 47 حكم عليهم من شتى المناطق والمذاهب بتهمة الإرهاب والخروج على الدولة فركز بعض المغرضين على قضية فرد لأنه شيعي ونسوا ال46 الآخرين, وركز البعض على حقوق الإنسان وتناسوا أن المتهمين متهمون بارتكاب جرائم قتل لأبرياء أو التحريض عليه، وركز البعض على عقوبة الإعدام, وتناسوا أن نظام الدولة في المملكة العربية السعودية هو أن القضاء يطبق الشريعة الإسلامية.. وإقامة الحدود ليست أمراً جديداً ولكنه أيضاً محكوم بإجراءات تضمن حقوق الإنسان ضمن حماية حقوق الآخرين.
أما العجيب اللامنطقي فهو موقف إيران بالذات فقد كشف عن مخططاتها وتدخلها فيما لا يحق لها التدخل فيه تحت أي مبرر سوى رؤية نظامها المشبوه التصرفات في عقر داره.
يبقى موقف إيران التي تحمل اسم الجمهورية الإسلامية واضح التخبط. ففي حين لا ترى بأساً في شنق مواطنيها الإيرانيين لمعارضتهم لنظام الحكم القائم فيها، ترى بأساً وجرماً كبيراً في أن تقوم دولة سيادية أخرى وهي المملكة العربية السعودية باتخاذ إجراء قضائي عادل نحو مواطن يحمل مواطنة السعودية.
أما سيناريو الاعتداء الغوغائي على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد وحرقها وتعريض العاملين فيها للخطر، فهو تكرار لما فعلته إيران في السابق في السفارة الأمريكية وظلت تدفع ثمنه عقوبات دولية شديدة لم تخرج منها إلا قبل فترة وجيزة.
إما أن إيران لا تفقه العلاقات الدولية والتزاماتها أو أنها كنظام غير قادرة على التمييز بين الصح والخطأ.. أو أنها كنظام غير قادرة على السيطرة على غوغاء الشارع. أو ربما غوغاء الشارع تأتي بمباركة من الأعلى فهي مخلب القط الذي تربت على ظهره يد النظام المزدوج الرؤية والأحكام.
الموقف الجاد الذي أخذته الحكومة السعودية وبعض دول الخليج بقطع العلاقات مع إيران، موقف واضح وحازم, وعلى إيران أن تنظر لنفسها في مرآة العالم لا مرآة رضى الملالي، فالملالي يرون الخيار الأهم أن يسيروا بشعبهم والدولة والمنطقة إلى التهلكة في سبيل البقاء على سدة السلطة بمبرر تصدير ثورتهم إلى كل الجوار ولفت الأنظار بعيدا عما يجري في داخل حدود وطنهم من مآسي البطش بالمعارضين.
السعودية ومواطنوها لا يمكنها تقبل تدخل إيران في شؤونها.
نحن أقوياء لا نقبل بالتدخل في الأمور السيادية, وعقلاء لا نقبل بالإرهاب والفوضى.
لعلنا نذكر إيران وغيرها أن من حكم عليهم هم 47 متهماً سعودياً، ولجرائم شتى كلها تهدد أمن المواطنين والدولة.
فشكراً على توضيح الموقف: ليس لدينا مسؤولون ولا مواطنون يرضون بالفوضى والازدواجية.
ومن يرى أن الملالي أو القاعدة أو داعش هم من يختارون له وجهة نظره وتفاصيل تصرفه, عليه إن يغادر إلى إيران أو داعش أو طالبان ليتذوق تطبيقها لمعنى المواطنة.. أو أن يتوقع أن يعامل في وطنه كمواطن له حقوق ومسؤوليات حمل الجنسية واحترام قانون البلاد وتحمل نتائج خياراته.
لا حياد أو تهاون مع أي مواطن يسعى لتصديع الوطن أو الإضرار بالأمن الوطني أو الوحدة الوطنية. وقبل أن يتبرع المحامون من خارج الحدود بالصراخ مذكرين بحقوق الإنسان, نهمس في آذانهم لنذكرهم: علينا أن نحمي حقوق الأبرياء من تعديات المترصدين للوطن تحت أي مذهب ومن أي منطقة وبأي تصنيف أو تبرير.