د.ثريا العريض
نقف على أول عتبات عام 2016.
وندعو الله - ونحن نتذكر كل ما مر بنا في الوطن ومحيط جواره الأقرب والأبعد منذ خمس سنوات من تسارع في التدهور أمنياً وسياسياً واقتصادياً، أن نرى خلاله تغيرا ملموساً نحو الأفضل عما سبق من سنين.
ولكن الواعين منا لدروس التاريخ يعلمون أن الدعاء، وهو يحقق شيئا من الراحة النفسية في إيكال اتخاذ القرار إلى مشيئته سبحانه, إلا أن الدعاء لا يضمن وصول العباد إلى تحقق المراد, ويبقى على مستوى الأمنيات. وأن المبدأ الأفضل هو «اعقلها وتوكل».. أي أن تحقيق الأهداف لابد للوصول إليه من العمل الجاد وإن أتعبنا. ولابد من اقتران الدعاء والإيمان بالسعي والتخطيط للنجاح والعمل بجد وتركيز على الوصول إلى الأهداف.
والمراد الآن, وقد اتضحت تحديات المرحلة القادمة، هو المحافظة على الأمن الشامل والاستقرار, ولا يتم ذلك إلا بتأمين الاستقرار الحياتي لكل مواطن. وبذلك نكمل العبور في خضم اضطرابات محيطنا القريب سياسيا ومحيط عضويتنا في المحيط الأوسع اقتصاديا،إلى استدامة البناء وإن تباطأت وتيرته.
هناك حكمة قديمة تقول: «القرش الأبيض لليوم الأسود». ولكن نظرتنا أبعد من هذه الحكمة البسيطة ولن نلجأ إلى احتياطياتنا المالية إلا للضرورة القصوى. حمانا الله من أي مسبب لها.
التوجه هو لتوليد مصادر جديدة لدعم الإيرادات من مصادر مستجدة على مجتمعنا بالذات، وإن مارستها دول غيرنا بتنويعات متعددة.
وقد دخلنا العام الجديد باستعدادات متأهبة، أفراداً ودولة ومسؤولين، للقيام بدور فاعل وبوعي لما سيأتي، وعزم مشدد على أن يكون عام التحول من الرعوية والاتكالية إلى التنموية عبر خطط مدروسة التفاصيل.
قبل أسبوع أعلنت ميزانية الدولة التقديرية لعام 2016. وما زالت التحليلات والتكهنات مستمرة حول ما تعنيه تفاصيلها عند التطبيق.
يبقى الواضح المؤكد في إعادة هيكلة الدولة الأخيرة, وتركيز التوجهات الجديدة على مبدأ العمل كفريق متكامل يسعى لهدف ثلاثي الأبعاد، الحفاظ على استقرار أمن الوطن, ومستوى خدمة المواطن واستدامة النمو بتكامل القطاعات العام والخاص والمجتمعي. والإمساك بزمام الاقتصاد, والاحتفاظ بالتوازن عبر ترشيد الإنفاق. ثم محاولة توفير ما سيغطي نقص الإيرادات الناتج عن هبوط أسعار النفط الراهن, من توليد مصادرجديدة, ومنتجات وصادرات لا نفطية, وكذلك من توفيرات الصرف, دون الإخلال بحقوق المواطن في حياة كريمة. من المتوقع والطبيعي أن يتوجس المواطن الذي يكافح ليبقى قادراً على توفير حياة كريمة لأسرته, وأن يتخوف مما تعنيه الإجراءات من تقشف لذوي الدخل المحدود والأفراد الذين يشملهم الضمان الاجتماعي من المطلقات والمعلقات وذوي الاحتياجات الخاصة والمعوقين ومن يتولى أمورهم من الأقرباء.
وإذ اتضحت معالم الميزانية عاد شيء من الاطمئنان، فبين فئات المواطنين تأتي فئة ذوو الدخل المحدود والمتوسط كأولوية في الاهتمام، لذلك فإن تقليص الدعم عن استهلاك الكهرباء والماء الكهرباء مثلا، لن يشمل هذه الفئة وستبقى فواتير 86% من الأفراد كما هي، بينما فرضت رسوم تدريجية على المنتجات الضارة بالصحة كالدخان والمشروبات الغازية، وكذلك المنتجات الترفية، ورفع الدعم عن فئة الدخل فوق المتوسط وهي فئة لا تحتاجه لتعيش.
وبقي أن يتم التنفيذ بحزم.