د.ثريا العريض
يوم الأربعاء الماضي، زار مجلس الشورى خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ليلقي الخطاب الرسمي السنوي، مفتتحاً سنتنا الشورية الجديدة, بحضور سمو ولي العهد وولي وولي العهد, وكل الوزراء، وكثير من الضيوف المهمين.
لن أكرر ما كتب عن الخطاب وما جاء فيه من توضيح وجهة الوطن القادمة في إطار حركتنا وإنتاج قطاعاتنا العام, والخاص, والتطوعي داخلياً؛ وإطار علاقاتنا والتزاماتنا لانتماءاتنا الإسلامية وعضويتنا الدولية وتحالفاتنا العربية والإقليمية والعالمية خارجياً. الميزانية قادمة في الأسبوع المقبل بكل تفاصيل الخطط.
سأشارككم ومضات ما مرّ بذهني خلال وبعد الخطاب وأنا أصافح خادم الحرمين, وسمو ولي العهد وزير الداخلية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الأمنية, وولي ولي العهد وزير الدفاع رئيس المجلس الأعلى للاقتصاد والتنمية.
وأنا أصغي للخطاب وأقرأ النص المكتوب وبصورة عفوية لا إرادية
«يتداخل» الناتج بـ3 تجارب شخصية لي مع الوطن؛ 1-كمواطنة مؤهلة, 2-كعضو في مجلس الشورى للثلاث سنوات الأخيرة، في أول عضوية نسائية، 3-تجربتي -مؤخراً- كمشاركة في ورشة العمل ببرنامج التحوّل الوطني 2020 قبل أيام معدودة، بحضور أغلب الوزراء؛ ضيوف حفل الخطاب الملكي.
في الأولى، عملت بعد الدكتوراه في شركة أرامكو ضمن أول من توظّف فيها من المواطنات، وفي الشورى انضممت إلى عضوية لجنة الشؤون الخارجية, ولجنة الشؤون الأمنية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، وفي التجربة الحيوية الثالثة دُعيت للمشاركة في الورشة التي نظّمها المجلس الأعلى للاقتصاد والتنمية، واستمرّت بضع ساعات حافلة، بدأت بخطاب سمو الأمير محمد بن سلمان, وانتهت بالحوار مع الوزراء؛ كل على طاولة خاصة به، لسماع مرئياتهم ومبادراتهم للخطة الوطنية المقبلة، وجلست على طاولة وزير العدل.
في التجربة الأولى، منذ عدت إلى الوطن بشهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية, حتى 2016 الذي يطلّ علينا بعد أسبوع, عايشت كل التفاعلات والتراجعات المهنية والثقافية التي مرّ بها الوطن, مع تداعيات المستجدات الفكرية بين «الطفرة» و»الصحوة» والاعتماد على النفط كمصدر ريعي لدخل دولة غنية كريمة حين تعلو أسعاره, ومهددة باحتمالية هبوطها لأي سبب داخلي أو خارجي, ومستنفرة للحفاظ على استقرارها ومصالحها داخلياً وخارجياً. ابتدأت بتفاؤل لا حدّ له, مكّنني رغم تقلبات المحيط داخلياً وخارجياً، وشراسة التأزمات المتكالبة, أن أظل متمسكة بالإيمان أننا نملك زمام مواجهة أي أزمة حقيقية أو مقصود بها إرباكنا، ثم سرعان ما بدأ -خلال الثلاثة عقود الأخيرة التي تسارع فيها التوجه للالتفاف إلى الوراء، يتنامى الغلو وانتهينا بوحوش الإرهاب.
الآن أحلل تداخل أصداء الضجيج العام عبر ما يصلني من الإعلام والآراء وتعليقات الواتسآب وتغريدات «تويتر» من مرئيات الأفراد وإيحاءات انتمائهم الخاص, وفي موقعي عضواً بمجلس الشورى، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مشاركة في قراءة ومناقشة التقارير في اللجان والجلسات، ويمضني حس الشلل الفكري السائد ممتزجاً بسموم حراكات متخفية متناحرة وقاتلة المقاصد.
خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، بدأت تظهر فجأة براعم ما كان يحدث بهدوء تحت سطح الأرض الراكدة المتحجرة, وجاءت بوادر برنامج التحوّل حين وضع الأساس بإعادة الهيكلة في المؤسسات العليا، وعاد إليّ التفاؤل وترقب ما سيجدّ.
في الورشة، نقلت إلى وزير العدل، معاناة المواطنات أمام تعنّت إجراءات القضاء، وأذهلني بتجاوبه السريع خلال أيام بإصدار أمر لدراسة الموضوع, ولمعاليه من 10 ملايين مواطنة كل الشكر والتقدير والامتنان.
وأنا أصافح ولي ولي العهد، لم أتمالك أن أقول له: شكراً.. كانت ورشة مهولة! معلنة فرحي بأنها جاءت إعلاناً لزمن التحوّل لليقظة وبداية أفق لفضاء بناء الجديد.
ويا مرحباً بالتحوّل من الشلل العام لحيوية العمل وحس مسؤولية المشاركة، وبالتحوّل من فكر الشلل لعقود ممتدة إلى فكر الفعل وتداعم الفريق المتكامل المنسق الجهود والمسؤوليات لتقديم منجز يلمسه المواطن خلال شهور أو أيام.