سعد الدوسري
اعتاد الكثير من المتابعين للشأن العام على اعتبار الدراسات التي تصدر عن واقع الحياة السعودية، الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي، مجردَ ترف يُراد به «الترزز» أمام المسؤولين بهدف «القلطة» عليهم ليس إلا. ويعزز هذا الرأي كميات الدراسات التي نقرأ عنها، ولا نستفيد منها، كونها أُعدت لإسعاد المسؤول، ولجعله يبتهج بالأرقام والمعلومات الإيجابية. والمأساة، أن الباحث الجاد، من داخل أو من خارج المملكة سوف لن يجد أمامه سوى تلك الدراسات، التي سيظن أنها تعبّر عن الواقع، وهي ليست كذلك مطلقاً. والمأساة الأكبر أن بعض الجهات التنموية المعنية بالتخطيط، تستخدم هذه الدراسات لتقييم الواقع وقراءة المستقبل. وبذلك فإن عدد الوحدات السكنية التي سنحتاجها في العام 2020م، هي أقل بكثير جداً مما يحتاجها المواطنون فعلاً، وذلك لأن الدراسة تكرمت بمنح المواطنين وحدات سكنية وهمية من لدن خيالاتهم!
اليوم، يدور الحديث عن المستقبل، وهو حديث جاد أكثر من ذي قبل.
اليوم، صار الجدية في التعاطي مع المستقبل، أمراً ملحاً.
اليوم، ينبغي علينا أن نفكر ملياً قبل اختيار الشركات والمؤسسات التي سنكلفها بإجراء الدراسات أو الإحصاءات أو الاستبيانات أو المسوح. وعلينا، بعد اختيار الأجدر والأكفأ، أن نراقب آليات العمل من قبل فريق عمل، يمثل كافة القطاعات المعنية، فالقضية لم تعد تقارير علاقات عامة، بل مصير أمة بأكملها، ومصير مستقبلها الذي يمر بمنعطفات خطيرة جداً.