سعد الدوسري
ربما تكون الغزوات التي تحدث في معارض الكتب، أشهر من معارض الكتب نفسها. وإذا أردت أن ترجع إلى تاريخ معرض ما، فعليك أن تعرف عنوان الغزوة التي حدثت فيه. وقد لا يعترض البعض على الخلاف الذي يحدث في معارض الكتب، كونه خلافاً فكرياً على أرض ثقافية، تستوعب الخلاف. الاعتراض يأتي من استخدام أساليب غير متحضرة في التعبير عن الرأي، كإحداث فوضى أثناء إقامة نشاط منبري، أو كرفع الأصوات وممارسة العنف الجسدي. وهذا الاعتراض مشروع، لأن الفعاليات ملك للجميع، وليست حكراً على أحد بعينه. وعلى من له رأي مخالف، أن يتقدم بشكوى للجهات الرسمية، أو أن ينتظر دوره في التعليق، ويطرح رأيه بكل حضارية وهدوء. وبسبب غياب مثل هذا النوع من التعاطي، نشهد كل عام مثل هذه الغزوات التي غالباً ما تنتهي بمجرد انتهاء «الهوشة»، ثم يعود كل شيء إلى حاله، ويخسر أصحاب الخلاف الفرصة لكي يطرحوا رأيهم أمام الناس. وقد يعتبر بعض المخالفين، أن مجرد «الهواش»، هو جزء من أدوراهم، وهو تعبير كاف عن اختلافاتهم.
في معرض كتاب جدة، كان هناك محاولة لاستفتاء الجمهور في الأمسية الشعرية التي أحيتها أشجان الهندي، إذ سأل أحد المعترضين المتشنجين الحضور:
- هل يرضيكم ما يحدث؟!
فكان الجواب بشكل جماعي:
- يرضينا.
ولو أن المعترض انتظر حتى انتهاء الأمسية، وطرح رأيه دون انفعال ودون تشنج، فلربما اتفق معه عدد من الذين قالوا:
- يرضينا.