د.ثريا العريض
أكتب صباح الجمعة لينشر المقال يوم الأحد وبعده يوم الثلاثاء.. ويظل في قلبي بعض التوجس أن يحدث شيء ما يغير ما أكتبه إلى العكس عن أوضاع أراها تسجيلاً عن حقائق الزمن الراهن.
هو زمن ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال. ولكن المسؤول والإنسان العادي لا يستطيع أن يبيت خالي البال، خاصة وداعش تتربص على الخط متقنعة بألف قناع وقناع لا يظهر من ورائها إلا وجوه غاضبة تعلن أنها بدمويتها تنتقم للإسلام أو تنتقم باسم الإسلام.. وعبثا يحاول الأسوياء منا نحن المسلمين، ومن غير المسلمين أن نقنع الآخرين أن الإسلام منها براء. حتى صار يوم الجمعة يوم ترقب وجل أن شيئًا ما سيئًا قد يحدث في الجوار القريب أو البعيد سيسبب لأحد ما حزنًا وألماً وحرجًا إن لم يتسبب في تدمير وموت وإصابات.
واستعيذ داعية: اللهم احمنا واحم عبادك الطيبين من ترصد الغيلة والمفاجآت. وأراجع نفسي لأذكرها أن الأيام الماضية كانت كريمة ومرضية.
راح ذاك الزمان الذي كنا نتعطش فيه لأي نشاط يغير من سكون الأيام ورتابتها. وأصبح من الصعب أن نواكب كل ما يحدث بالمشاركة فعليًا. وحين يكون ما يحدث فعلاً إيجابيًا ومنجزات تستحق الاحتفاء، نشكر الله بجد، فقد تعبنا من توالي الأحداث السلبية والغص بها يومًا بعد يوم مع نشرات الأخبار المليئة بتفاصيل الهدم والقتل والتفجيرات وتصدع الدول وفقدان الأمن واستهداف العالم بالتسيس والتشويه.
الحمد لله الأسبوع الماضي كان أسبوعًا حافلاً شهدت فيه المملكة نشاطًا سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا إيجابيًا.
احتفلت جدة بأول معرض كتاب وبنجاح خالٍ من المضايقات تستحق أن تهنأ عليه، أسعدني تنادي الصديقات والأصدقاء هناك للاحتفاء بالكتب والنشاطات. وكذلك احتفت المنطقة الشرقية في الأحساء والدمام والظهران بنشاطات اقتصادية وثقافية متعددة. وفي كل المناطق تسارعت وتيرة الاستعداد لانتخابات المجالس البلدية وضمنها لأول مرة مشاركة السيدات في الترشح والانتخاب، أرجو أن تكون النتائج مرضية للناخبين ولأنصار دعم مشاركة المرأة وتمكينها من عضوية كاملة في المجتمع، والأهم للمصرين على اختيار الأكفأ.
وفي العاصمة الرياض، في ذات الوقت الذي انعقد فيه مؤتمر الرياض الاقتصادي، احتفلت مؤسسة الملك خالد بتوزيع جوائز الملك خالد للتميز. تزامنت أيضًا القمة الخليجية السادسة والثلاثون، مع الاجتماع الصعب للحوار بين فصائل المعارضة السورية. وسعدنا بالبيان الختامي لكليهما.
بيان القمة وضح موقف دول مجلس التعاون من مجريات الأمور في الجوار القريب والبعيد، وأكَّد وقوفها معًا ضد أي منظمة إرهابية أو إرهاب فردي، واستمرار تحالفها عمليًا لحماية الأمن، ودعمها للاستقرار الاقتصادي، واستعادة وتثبيت السيادة العربية في الجوار، حيثما امتدت أصابع خارجية متسللة لزعزعة الأمن الإقليمي بدءًا بالمحلي في سوريا واليمن وليبيا ومصر وفلسطين.
وباتفاق فصائل المعارضة السورية وتوقيعها كلها على البيان الختامي لاجتماع الرياض، استعاد العالم الأمل في أن يتوصل إلى حل سياسي في سوريا يوقف الحرب العبثية القاتلة بين الفرقاء، التي كادت في أربع سنوات أن تقضي على كل معالم الحياة الطبيعية وتسببت في موت وإصابات الملايين، وتدفق ملايين اللاجئين هروبًا إلى الخارج، ما أضاف المزيد من المآسي الإنسانية واضطرابات متسببة في مشكلات جمة قلقلة للأمن حول العالم.
بالنسبة لي شخصيًا كواحدة من مواطني دول مجلس التعاون كان مهمًا أيضًا ما يتعلق بتسريع الإجراءات الخاصة بتعاملات دول الخليج كمجموع متجانس متكامل مع بقية العالم.
أعترف أن محاولة التكهن وتوقع ما سيحدث بعد أسبوع في المنطقة لا يمكن أن تكون أمرًا سهلاً، إن لم تكن مستحيلة، مع كل المستجدات المفاجئة المتوالية منذ عقد ونصف وتصاعدت سوءًا منذ أربع سنوات خلت، ولكننا نحتفل بوميض الأمل، وندعو الله أن تستمر التطورات الإيجابية فقط، ونسعد بكل خطوة تقرب المنطقة وكل الجوار العربي والإقليمي والعالمي من العودة إلى التوازن والتحكم في زمام الأمور.