كاتب فهد الشمري
قبل أيام مضت ودعت الفروسية أحد فرسانها الكرام ورجالاتها البررة.. ذلك الفارس الذي ترجل فكان لرحيله الأثر الكبير في نفوس من عرفوه ومن عاشوا تحت ظلال حكمه الذي عرفت فيه هذه الرياضة التطور والازدهار فتجلى عصرها الذهبي في عهده.
ومع بالغ حزننا العميق لرحيله الذي شكل مصاباً جللاً للشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية .. إلا أننا أمام شجرة عائلية عريقة .. عائلة كريمة أصلها ثابت وفرعها في السماء.. فكلما ترجل فارس جاء فارس آخر.. لا يقل حكمة وحنكة وشجاعة عمن سبقه.. ذلك هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز .. سلمان الشهامة .. سلمان العطاء.. سلمان الوفاء صاحب اليد الحانية.. سلمان الفارس الذي كان هو العزاء الأمثل لرحيل ذلك الفارس المبجل رحمه الله.
وفي بادرة لا تنم إلا عن الوفاء من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لأخيه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله حيث صدر أمره بتسمية حفل السباق الكبير للفروسية الذي سيقام اليوم السبت الموافق 25-4-1436هـ بإذن الله - في نادي الفروسية بالرياض تحت رعايته باسم (كأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -) والذي كان مقرراً هذا الكأس قبل وفاته بجدول سباقات الفروسية للعام الحالي وهي بادرة لا تدل إلا على وفاء المليك حفظه الله، وتوضح متانة العلاقة الأخوية والوفاء اللامحدود حيث إن الراحل رحمه الله قد كانت له بصمات عديدة ونوعية في مجال الفروسية، ولكن الوفاء الذي أظهره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بهذا القرار قد فاق كل التوقعات وليس غريباً على خادم الحرمين إصدار مثل هذا القرار الذي له وقع طيب في نفوس المواطنين وعشاق الفروسية، فهو سلمان الذي ظل ولا يزال يرى أخاه الراحل أخاً عزيزاً قبل أن يكون ملكاً وهذا القرار بمثابة البشرى لكل المهتمين بأمور الفروسية أن هذه الرياضة الأصيلة سيوليها الملك سلمان جُلَّ اهتمامه ورعايته، وما هو إلا دليل على دعمه للفروسية ومحبيها وامتداد لمسيرة الفروسية التي عاشت عصراً ذهبياً في عهد المغفور له بإذن الله.
هم ولاة الأمر.. وملوك هذه البلاد وفرسان الساحة الذين توارثوا العزة والكرامة والفروسية أباً عن جد.. هم ولاة الأمر الذين جعلوا من رياضة الفروسية تراثاً عربياً أصيلاً.. ورياضة حاضرة عامرة.. لا سيما وأن الخيول العربية كان لها الدور الأكبر في فتح وتوحيد هذه البلاد وتأسيس مملكة الخير مملكة العزة والكرامة.
إننا نعزي خادم الحرمين الشريفين بوفاة الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز الفارس الذي طالما أولى هذه الرياضة جل اهتمامه .. ورعاها حق الرعاية .. وفي نفس الوقت نعزي أنفسنا بفقدانه.. إلا أن الخير في هذه العائلة الملكية الكريمة لا يتوقف .. والفرسان متواجدون، فكلما ترجل فارس جاء وركب من بعده صهوة الجواد فارس آخر.
فقد مات عبد الله الخير .. وجاء سلمان الوفاء والذي ستحظى الفروسية بدعم كبير مادي ومعنوي في عهده الميمون إن شاء الله.
وبعيداً عن أحزاننا بفقدان الراحل الكبير.. فإننا وبهذه المناسبة نقدم لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد أطيب التهاني.. ونعلن في نفس الوقت مبايعتنا وولاءنا لولاة أمرنا.
ويعلم الجميع أن أول ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله عندما تولى مقاليد الحكم أنه سيلتزم السير على المنهج الذي سار عليه من سبقه من حكام وملوك هذه البلاد المباركة... ليطمئن المواطنون.. ويعلم الذين في قلوبهم ريب أن سياسة المملكة هي تلك السياسة التي لا تعرف المحاباة أو المجاملة في كل شئونها.. وأن الجميع سائر على خطى المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه الذي سمى هذا الصرح الشامخ للفروسية (مضمار الملك عبدالعزيز للفروسية).
فهنيئاً للوطن بهذا الملك.. وهنيئاً للفروسية بقدوم فارسٍ يعشق الخيل وينظر إلى الفروسية أنها تشكل جزءاً لصيقاً ومهماً من شخصية أي مواطن سعودي.. يعرف معنى ماضي أمته وحاضرها وأن الفروسية ستظل في جل اهتماماته الأولية.. كونه يوقن بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة).
رحم الله الملك عبدالله... ووفق خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز إلى ما فيه الخير والنماء لهذا الوطن والشعب والفروسية التي تهمنا جميعاً كأبناء امة عربية كان الخيل فيها ولا زال منحة إلهية تستحق منا الشكر والتقدير.