د. عبدالواحد الحميد
موسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو أيضاً موسم المزايدات بين المرشحين لإثبات صداقتهم ومحبتهم لإسرائيل وإبراز المشاعر السلبية ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين. هكذا عرفنا مواسم الانتخابات الأمريكية على مر السنين وتعودنا عليها فلم نعد نتفاجأ بأي تصريحات أو مواقف سلبية من المرشحين في انتخابات الرئاسة أو غيرها من الانتخابات الأمريكية.
لكن ما فعله دونالد ترامب الذي يسعى إلى الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة يكاد يتجاوز كل ما عرفناه وما ألفناه من تلك المزايدات، فالرجل يَعِدْ بأن يتخذ إجراءات عنصرية متشددة ضد المسلمين في الولايات المتحدة وضد أي مسلم يرغب القدوم إليها.
السبب المعلن هو ما فعله ويفعله تنظيم «داعش»، وترامب يعتبر أن كل المسلمين «دواعش»! وقد تابعنا جميعاً الحملات الكلامية التعميمية البغيضة التي شنّها ترامب على المسلمين، والتي ربما تعكس الفكر الحقيقي لترامب أو أنه يركب موجة الكراهية المتزايدة التي تسود المجتمعات الغربية ضد المسلمين كي يصل إلى كرسي الرئاسة الأمريكية. لكن أياً كانت الدوافع، فإن هذا ليس هو المتوقع من رجل أعمال مثله تدر عليه مشاريعه التجارية في الخليج والبلدان العربية أموالاً طائلة!
لا نقول إننا كنّا نتوقّع من ترامب أن يدافع عن حقوق الفلسطينيين مثلاً بسبب مصالحه الاقتصادية عندنا، لكننا لا نفهم لماذا يزايد على المرشحين الآخرين الذين لا توجد لهم مصالح شخصية في منطقتنا ولا نفهم كيف يجيز لنفسه أن يشتمنا أول النهار ويحصد ملايين الدولارات من مشاريعه التجارية عندنا في آخره!
لذلك كان من الطبيعي أن ينتفض الناس في السعودية وفي دولة الإمارات وفي بعض البلدان الأخرى التي يوجد فيها لترامب مشروعات أو منتجات تجارية وأن يتنادوا إلى مقاطعة مصالحه لكي يعرف - وهو التاجر قبل أي شيء - بأن كرامتنا تأبى علينا أن نشتري بضاعته وهو يحمل بين جنباته كل هذه الكراهية لنا.
حملة المقاطعة التي أشعلتها مواقع التواصل الاجتماعي وجدت صداها لدى وكلاء منتجات ترامب وشركائه في المنطقة، فقامت عدة محلات بسحب منتجاته وتوقفت بعض المشروعات الاستثمارية المشتركة مع مؤسساته وشركاته.
هذا الفعل الإيجابي الجميل هو درس ليس لترامب أو لغيره من رجال الأعمال والشركات الأجنبية فقط ولكنه درسٌ لنا نحن قبل غيرنا!
إنه درس عن القوة الكامنة التي نمتلكها ونستطيع تفعيلها عندما نمتلك صفاء الرؤية وقوة الإرادة لحماية كرامتنا ومصالحنا.