د. عبدالواحد الحميد
عندما تذهب للتسوق في بعض المُجمَّعات التجارية التي تضم محلات لبيع أجهزة الاتصالات المتنوعة وتستفسر من البائع عن سعر جهاز أو سعر سلعة كمالية يبادرك بالسؤال عما إذا كنت تريد سلعة أصلية أو سلعة مقلدة! وعندما يعرض عليك بائع آخر سلعة بسعر تعتبره مرتفعاً فتفاوضه على السعر يعرض عليك بنصف السعر سلعة أخرى مطابقة تماماً من حيث المظهر الخارجي للسلعة التي فاوضته عليها ويصارحك أن الأخيرة مقلدة!
هؤلاء الباعة، الذين هم في الغالب من جنسيات آسيوية أو عربية من بلد مجاور، يفعلون ذلك بتلقائية وبشكل طبيعي كما لو أن بيع السلع المقلدة عمل مشروع لا ينتهك أي نظام من أنظمة البلد! وعندما تدخل معهم في التفاصيل يتحدثون معك بكل اطمئنان وهدوء وثقة ولا يتحرجون من تقديم خيارات متعددة بأسعار متفاوتة تفاوتاً كبيراً لسلع تبدو متطابقة تماماً ولا يمكن أن يفرق بينها إلا بائع محترف يملك خبرة واسعة في المتاجرة بهذه السلع المقلدة التي تحمل أسماء تجارية شهيرة!
ورغم تَصَنُّع هؤلاء البائع للبراءة وهم يصارحونك ويخبرونك بالفرق بين السلعة الأصيلة والسلعة المقلدة فإنك كثيراً ما تقع ضحية الخداع حينما تشتري منهم السلعة ذات الثمن المرتفع على أنها سلعة أصلية ثم تكتشف بعد ذلك أنها مقلدة.
هذه السلع المقلدة منتشرة بشكل مذهل في محلات الاتصالات ويمكن ضبط بائعيها بسهولة والوصول من خلالهم إلى الجهة التي تزودهم بهذه السلع المقلدة لو حدث تعاونٌ أكبر بين المستهلك ووزارة التجارة والصناعة. لا أعرف لماذا تستمر هذه الظاهرة رغم وضوحها وسهولة الإيقاع بمن يبيعون السلع المقلدة التي تشكل خطراً على مستخدميها وتستنزف أموالهم بغير وجه حق !؟
قبل أيام عثَرَتْ وزارة التجارة والصناعة على مستودع بمدينة الرياض يحتوي على حوالي عشرين ألف قطعة كهربائية مقلدة لعلامات تجارية شهيرة وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس السعودية وهي عبارة عن شواحن وسماعات هواتف ذكية وغير ذلك من السلع التي تباع في محلات الاتصالات، فقامت الوزارة بمصادرة السلع المقلدة قبل تصريفها في الأسواق.
لم أستغرب من الخبر، بل أجزم أن ما عثرت عليه الوزارة هو غيض من فيض وقليل من كثير. فالمستهلك يعرف من خلال تجاربه الشخصية أن السوق تعج بالسلع المقلدة ليس فقط تلك التي تباع في محلات الاتصالات وإنما أيضا في محلات قطع غيار السيارات والأجهزة الكهربائية ومختلف أنواع السلع.
لقد أصبحت أسواقنا مرتعاً لهذه السلع المقلدة رغم الجهود المشكورة لوزارة التجارة والصناعة التي يبدو أن طوفان السلع المقلدة أكبر من إمكاناتها البشرية والمادية!
هذا يعني أن على المستهلك مساندة الوزارة في التبليغ عن أي حالات غش يتعرض لها أو يعرف عنها، فالمستهلك هو المستفيد في نهاية المطاف، والوزارة لن تستطيع أن تحيط بجميع حالات الغش والتلاعب ما لم يتعاون معها المستهلك ويكون إيجابياً ومبادراً.