د. محمد عبدالله العوين
لم تمض ساعات على إعلان بيان التحالف العسكري الإسلامي الذي ضم خمسا وثلاثين دولة بقيادة المملكة واتخاذ الرياض مقرا لغرفة عملياته حتى انطلق فحيح الأفاعي السامة من جحورها، وبدأت تهرف بما لا تعرف، وخرج الأفاقون على القنوات يرغون ويزبدون ويكيلون الاتهامات ويختلقون التقولات ويزيفون الحقائق ؛ كما فعل الأحمق الأخرق إبراهيم عيسى في حشرجاته الموتورة ؛ لم يدع شاردة ولا واردة من السيئات إلا ألصقها بنا ؛ وكأننا لم نخلق مثله من طين، ولم نحمل رسالة، ولم ننشر الخير في كل مكان، وأقرب أماكن الخير إلى صاحب الحمالات المعتوه بلده «مصر» التي ما فتئت المملكة ولم تتوقف أبدا عن دعم مصر والوقوف مع قياداتها وشعبها ؛ ليس من اليوم ولا من أمس ؛ بل منذ ذلك التاريخ البعيد عام 1946م حين زار الملك المؤسس عبد العزيز مصر في عهد الملك فاروق؛ صحيح أن بلادنا لم تكن تملك في تلك الفترة إلا عزيمة مؤسسها وموحد شتاتها ورجاله الأشاوس مستمدين العزة والقوة والإباء من دينهم وقيمهم وعروبتهم وأصالة انتمائهم إلى أشرف وأطهر بقاع الأرض ؛ إلا أن بلادنا العزيزة وعلى مدى قيادة ملوكها الأجلاء - رحم الله من توفي وأطال عمرالملك سلمان - لم تبخل على مصر بما تستطيع أن تقدمه بعد أن أفاض الله علينا من خيراته وأكرمنا ببركاته وأنعم علينا بالرخاء والوفرة ؛ فما انصرفنا إلى بناء بلادنا وتشييد نهضتها ووضعها على عتبات الدول المتقدمة في مجالات الحياة المدنية الحضارية كافة فحسب؛ بل جعلت بلادنا مما أفاء الله به عليها للدول العربية والإسلامية أولا وللدول التي تلم بها كوارث على مستوى العالم نصيبا وافرا ؛ ونحن حين نتحدث بهذا العطاء الذي نشكر الله على أن يسره لنا لنشرك إخواننا فيه ونساهم مع المحتاجين من دول العالم في التخفيف من أضرار وآلام الكوارث لا نمن ولا نقاضي به أو ننتظر المقابل منفعة بمنفعة ؛ بل نرى ذلك واجبا تفرضه علينا الأخوة في الدين والعروبة والتاريخ والجغرافيا والحاضر المعاش والمستقبل المشترك والقيم الإنسانية.
إن الإخوة الأعزاء الشرفاء في مصر - وهم تسعون مليونا أو يزيدون - يعلمون ذلك ويقدرونه ويثقون في نقاء وصدق ونبل منطلقات العلاقة العميقة بين الشعبين السعودي والمصري، ويدركون كل الإدراك الصلة الأخوية الطيبة بين البلدين التي لن يكدرها نقيق الضفادع ولا عواء المرتزقة ولا نباح المأزومين ؛ كما يفعل هذا الموتور على قناته الموظفة الموجهة لتحقيق هدف خائب لن يتحقق ؛ وهو تمزيق ما بين الشعبين من أواصر المودة والتقدير والعرفان المتبادل .
مصر العظيمة ليست «أبو حملات» وفكره المشوش المضطرب المحتقن، ومصر العظيمة التي تتعرض لخطر داهم تقاتل ببسالة لاجتثاثه من أرضها في سيناء وغير سيناء تعلم أن الخطر من الإرهاب مهما اختلفت أرديته ومعاطفه وخطاباته المختلفة لا يستهدف دولة عربية أو إسلامية بعينها ؛ بل هو عدو لكل العرب والمسلمين والعالم؛ وإذا كانت مصر قد اكتوت به في عهود سابقة بدءا من اغتيال أنور السادات وما تبعه من أحداث إجرامية مؤسفة في عهد حسني مبارك ثم بعد قيام ثورات ما سمي بالربيع العربي إلى الآن ؛ فإننا نحن السعوديين قد ذقنا مرارة الإرهاب وسالت في مدننا دماء الأبرياء من مدنيين وعسكريين بسببه، وأشعلنا حربا ضروسا عليه إلى أن استطعنا بحمد الله إخماد فتنته وتهجير شياطينه؛ ولكن هذا الأخرق المدعو «إبراهيم عيسى» لا يجد ما ينفث فيه غيظه غير ما يتهمنا به، وهو يعلم ولكنه يتجاهل أن جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا 1928م وأنجبت فكر التكفير ورفعت بيرق منظر الجاهلية والحاكمية سيد قطب وخرجت من معطفها جماعة «التكفير والهجرة» ورضع من فكرها علي إسماعيل وأخوه عبد الفتاح وشكري مصطفى لم تولد وتنشأ في السعودية؛ بل في القاهرة لا في الرياض، وأن شبابنا الذين اختطفهم الإرهاب لم يكونوا سلفيين فحسب؛ بل فجر فيهم فكر الإخوان الرافض المتمرد الأسود العداء لدولتهم ووطنهم وأهلهم؛ كما فجر ذلك من قبل في أجيال من شباب مصر.. يتبع