د. محمد عبدالله العوين
علينا أن نتذكر هذا التاريخ جيدًا 3-3-1437هـ فيومنا هذا لا يشبه أمسنا، ومستقبلنا مختلف عن ماضينا، ويقظتنا ستغير اتجاهات الرياح إلى ما نشتهي، وصحوتنا التي حان أوانها ستكفر عن موات أمة قرونًا من الزمان!
أدار قائد الحزم المظفر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز فكره المتقد اليقظ العميق في الحالة المأساوية التي وصل إليها العرب والمسلمون من شتات وتمزق وتفرق وانقسام طائفي وعرقي ومناطقي، وما اشتغل عليه أعداء الأمة من خطط ومكايد لتكوين وتنشئة جماعات وتنظيمات إجرامية ترتدي عباءة الإسلام وترفع شعاراته وتتزيا بزيه وتتحدث بآياته وتتغنى بأمجاده وتبكي على حاضره وتقتل وتنحر وتحرق وتغرق باسم الجهاد في سبيله زورًا وبهتانًا، جماعات رفعت شعار الإسلام وهي تهدمه، وأعلنت إقامة دولة وخلافة وهي تثير الكراهية والأضغان على الإسلام؛ لأن سبيلها ومنهجها الذي سارت عليه وتريد تحقيق أهدافها المزعومة من خلاله استحلال الدماء المعصومة وتخريب الديار العامرة وتشريد الطوائف الآمنة والسرقة والنهب والاغتصاب باسم الفيء والغنيمة والسبي؛ وذلك كله افتراء على قيم الدين السمحة التي تحفظ للناس من كل دين ومذهب وملة دماءهم وأموالهم وأعراضهم وكرامتهم».. {انَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جميعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} وفي خطبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع «أيها الناس أن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا بعد يومكم هذا..».
لقد تأمل خادم الحرمين الشريفين أوضاع الأمة؛ فوجدها على النحو السالف المعلوم الذي بلغت غصته فؤاد كل مسلم وإنسان ذي ضمير حي، ورأى أن جهود محاربة الإرهاب التي ينهض بها الحلف الدولي الستيني لم تثمر عن نتائج واضحة ولم تتقدم خطوة إلى الأمام في سبيل القضاء على التنظيمات الإرهابية أو إضعافها وإيقاف تمددها؛ بل إنها ربما ازدادت توسعًا وامتدادًا في أجزاء كبيرة من الشام والعراق، وانتقلت إلى مناطق أخرى وأنشأت لها فيها ولايات ومراكز؛ كليبيا واليمن ومالي ونيجيريا والصومال وأفغانستان وباكستان وغيرها، ولم يقتصر شرها على إراقة الدماء وحرق الممتلكات وهدم مصالح الناس في ديار العرب والمسلمين؛ بل طال أذاها العالم كله باسم الإسلام.
لقد اكتمل تصور قائد الحزم أن معالجة الإرهاب لم تحقق الثمار المرجوة على المستوى الدولي؛ مما ترك فراغًا أمنيًا وسياسيًا استغله تنظيم داعش فتمدد، واستغله الطامعون في تحقيق أحلام لهم في المنطقة فتدخلوا بقضهم وقضيضهم بحجة مقاومته واستفحل القتل والتدمير للمناطق المدنية وللسكان العزل؛ مما يستوجب أن ينهض العرب والمسلمون بما يجب عليهم تجاه أوطانهم وشعوبهم ومستقبل أمتهم.
رأى قائد الحزم المظفر أنه لن يعالج أوضار الأمة المستفحلة إلا أبناؤها، ولن يتصدى لمقارعة شياطينها إلا أهلوها؛ فهم أدرى بديارهم، وأعلم بشعوبهم، وأكثر إحاطة بمذاهبهم وطوائفهم وأيدلوجياتهم وأفكارهم.
حزم القائد أمره وعقد عزمه وتوكل على الله وأعلن استعداده للتصدي لأخطر مهمة يمكن أن ينهض بها قائد يروم تحقيق الأمن والنهضة لوطنه والسلام والاستقرار لأمته؛ فقرر تشكيل أول تحالف إسلامي لمواجهة حالة الفوضى والتدمير والتخريب التي تمر بها المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وإنقاذ العالم مما يعانيه من جرائم ترتكب باسم الإسلام المفترى عليه؛ بل ينقذ الإسلام نفسًا دينا وعقيدة وقيمًا وأخلاقًا من حالة التزوير والتشويه والتقبيح والكراهية التي يلحقها به الإرهابيون وأرباب النحل والملل الضالة المنحرفة.
هذا التحالف الإسلامي الشامل لن يكون جيوشًا عسكرية متألفة من أعضائه الخمسة والثلاثين فحسب؛ بل هو أيضًا تحالف يحارب فكر الإرهاب ويفككه وينقض الأسس التي قام عليها ويكشف حقيقته ودوافعه وأهدافه ومن يقف وراءه.
هذا التحالف الإسلامي الذي ستكون إدارته من غرفة عملياته في الرياض هو مشروع القرن الإسلامي الذي سينقذ الأمة بإذن الله من مؤامرة التفتيت والتقسيم والشرذمة والفوضى.