د. محمد عبدالله العوين
أرغت وأزبدت إيران حين تأكد عقد مؤتمر المعارضة السورية في الرياض يوم 8 و9 من ديسمبر الموافق السادس والعشرين والسابع والعشرين من صفر!
وخرج نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بتصريح خطير يكشف عن النوايا المبيتة السيئة التي تنطوي عليها إيران نحو المنطقة العربية كلها؛ لا سوريا فحسب، ويبين بما لا يدع مجالاً للشك عن حجم الخيبة والخذلان وتهاوي الآمال الفارسية التي بنيت من قصور شامخة على رمال على أرض مهتزة مضطربة لا يمكن أن تسمح لأحلامهم أو أمانيهم أن تتشامخ وتعلو وتصمد في أرض ليست لهم وبين أقوام ليسوا بأقوامهم!
لقد قال هذا العلج الفارسي: إن مؤتمر الرياض سيفشل مؤتمر فيينا!
هذا التصريح الخطير يكشف أيضا عن مدى جهل أو تجاهل اللهيان ما أسفر عنه مؤتمر فيينا من قرارات، كان أحدها الاتفاق على أن يعقد مؤتمر للمعارضة خلال أشهر قليلة بعد المؤتمر لا تتجاوز ستة أشهر في أية دولة تتقدم لاستضافة المعارضة؛ ليتفق من خلاله على اختيار أعضاء من المؤتمرين ورسم برنامج للحوار مع نظام بشار الأسد؛ لعل من خلال الحوار أن يتم الوصول إلى خطوات حل سلمي يمهد للخروج من حالة التدمير والفوضى التي تمر بها سوريا؛ لأن الوضع الخطير الذي وصلت إليه الحالة الإنسانية وما يمكن أن تقود إليه الأزمة السورية من مخاطر وما تفجره من أزمات متولدة لاحقة ستطال المنطقة كلها لا يمكن إلا أن تدفع الخيرين والعقلاء وصادقي النوايا من قادة المنطقة العربية والعالم إلى اجتراح حلول والبحث عن خيارات بديلة ممكنة للوصول إلى نهاية لهذا الوضع المأساوي المتأزم الذي يمر به الشعب السوري وتداعياته الخطيرة على المنطقة والعالم كما نشاهد ونرى عبر الشاشات، مما يحدث من حالات تهجير بعشرات الآلاف إلى المنافي العالمية وما يتعرض له المهجرون من غرق وهلاك واضطهاد ومهانة وتشرد، وهم هاربون من حالة أشد منها عذابا وألما، هاربون من الجحيم إلى الجحيم، من نار الوطن المحترق إلى المستقبل المجهول.
هذا العلج الفارسي المدعو باللهيان الذي تنبأ بفشل مؤتمر المعارضة السورية في الرياض قبل أن ينعقد؛ هو نفسه الذي قال قبل أشهر إن عرش كسرى سيعود إلى « المدائن « وإن « بغداد « هي عاصمة فارس لا طهران! وهو وعصابته الحاكمة في بغداد وعملاؤه الذين يقبضون على أنفاس الشعب العراقي الحر الكريم هم من طالبوا العراقيين الأحرار بمعرف للدخول إلى بغداد عاصمة الرشيد، لا عاصمة إيران!
باعتبار أن بغداد أكثر أمنا من المناطق المحترقة الملتهبة بالقتال بين الفصائل والجماعات التي خلفها الاحتلال الأمريكي ثم الفارسي للعراق؛ أولئك العرب الأحرار يهربون من جرائم الحشد الشعبي الشيعية المتطرفة التي يقودها فرس قتلة من أمثال قاسم سليماني التي كانت تزعم تطهير تكريت والرمادي من « داعش «.
تستضيف الرياض عاصمة العروبة والإسلام الأطراف المتنازعة المتخاصمة على اختلاف اتجاهاتها السياسية لتجلس على مائدة واحدة وتتباحث وتتجادل إلى أن تصل إلى نقاط اتفاق مشتركة وإلى أن تتطابق الآراء على تشكيل وفد يمثل كل الأطياف والفصائل؛ ليذهب إلى دمشق ويتقدم إلى النظام بما تتفق عليه من آراء مدعومة من الدول الكبرى الراعية لمؤتمري جنيف 1 وجنيف 2 ولمؤتمر فيينا، ومن الأمم المتحدة، ومن كل المحبين للعدالة والإنسانية.
ربما تطامع هذا العلج الفارسي لتكون إيران شريكا في مؤتمر الرياض كطرف له حصة مشهودة في النزاع، وهو شرف لا يمكن أن تحظى به إيران!
فما دخل الفرس بأرض عربية ؟! وما الذي يجرجر إيران من وراء أكثر من ألفي كيلو متر لتتدخل في أراض عربية كلبنان وسوريا واليمن؟!
لقد انتهت الأزمة اللبنانية بمؤتمر الطائف 1409هـ، وانتهت الأزمة الأفغانية بمؤتمر مكة 1413هـ ومتفائلون بأن مؤتمر الرياض بداية عودة السلام إلى سوريا بإذن الله.. وستظل الرياض أمل كل عربي ومسلم؛ رغم أنف كل شعوبي زنيم.