ما زالت ساعات العمل لم تنته في مركز أبحاث التقنيات المتقدمة بجامعة الملك سعود. كانت تشير الساعة إلى الثالثة عصراً من يوم الخميس حينما دخل طالب الماجستير البريطاني جون فريمان على زميله عبدالله مايكل طالب الدكتوراه الأمريكي، فكان هذا الحوار....
جون: «هاي»... سلام عبدالله، أين أنت؟ لم ألتق بك من عدة أسابيع.
عبدالله: «هيي» ... سلام جون, أنا مشغول للغاية، فلدي تقرير يستعرض آخر النتائج لرسالة الدكتوراة, علي تسليمه خلال الأيام القادمة.
جون: هل التقرير يخص مشروع نقل النفايات الصناعية إلى القمر.
عبدالله: بالضبط، ليس لدي غيره، وكم أتمنى أن أنهيه بسرعة.
جون: ما هي أهداف المشروع؟
عبدالله: الأهداف كثيرة، لكن مشرفي وجهني إلى هدفين. الأول: يهتم بوضع معايير ومواصفات العبوات الحاملة للنفايات، والثاني: تحديد أماكن الردم.
جون: كم هي الرسوم التي تأخذها المملكة لإلقاء النفايات على سطح القمر؟
عبدالله: هذا مشروع آخر، لكن حسب علمي أن هناك باحثاً من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية قد قام بدراسة مستفيضة حدد فيها أن المملكة سوف تغطي تكلفة إرسال العبوات إلى القمر بعد عشر سنوات فقط، وذلك عن طريق تحصيل الرسوم من الدول.
جون: فكرة ذكية من المملكة أنها عملت في هذا الاتجاه.
عبدالله: هذه هي النية الطيبة، وإلا فهم لم يفعلوا مثلما فعل الغرب، يوم أن كانوا يدفنون المواد الخطرة في أراضي الدول الأخرى. هل تصدق يا جون أن أحد أسباب إسلامي يعود إلى انجذابي لطريقة المملكة الراقي والنبيل في التعاطي مع هذا الموضوع. لقد أصرت على الدول جميعها بعدم إلقاء أية مواد ملوثة لا في البحر ولا على اليابسة، لحماية الجميع من الأمراض المستعصية.
جون: جميل، أين وصلت في هذا البحث؟
عبدالله: أنا متوقف عند نقطه لم أجد لها حلاً، أحتاج فيها إلى شخص متخصص في ديناميكية الأجسام تحت ضغوط عالية ومختلفة. بعد آخر مقابلة مع المشرف، أشار إلي بالسفر إلى مدينة ثول لمقابلة أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
جون: متى نويت السفر؟
عبدالله: الخميس القادم بإذن الله، تكون حجاً وقضيان حاجة.
جون: «هيي» عبدالله ما الذي أتى بموضوع الحج الآن!
عبدالله: أقصد أعتمر وأفطر في الحرم، ثم يوم الأحد أذهب للجامعة.
جون: الآن فهمت، يعني مثل اصطياد عصفورين بحجر. هل نويت السفر بالطائرة؟
عبدالله: لا لست بحاجة, سوف أذهب بالقطار، ثلاث ساعات ونصف وأنا أمام باب السلام.
جون: والسكن؟ كيف ستجد حجزاً ورحلتك قريبة؟
عبدالله: ليس هنالك مشكلة، لأني سوف أسكن مجاناً في أوقاف العلماء في شعب عامر، سبع دقائق وأنا أمام باب 3- شمال.
جون: يعني كل شيء مجاني!
عبدالله: الحمد لله، أنت أسلم والخير يأتيك. لحظة، لا تقل شيئاً، أعرف ضغوط أهلك عليك.
جون: صراحة، حجم المسجد أقصد الحرم كبير جداً.
عبدالله: هل تصدق يا جون أن الحرم يتسع الآن إلى خمسة ملايين مصلٍ!. حقيقة، نرفع القبعة لإبداعات الباحثين من جامعة الملك عبدالعزيز على قدراتهم التصميمية.
جون: بالنسبة لي -بما أني أبحث في مصادر الطاقة- فأذكر أن أحد الباحثين من جامعة أم القرى قد سجل أفضل براءة اختراع لنظام إنتاج طاقة كهربائية لمدينة منى.
عبدالله: ليست مدينة، إنما تسمى مشعر! هذه الترجمة الحرفية وما تعمل يا مستعرب.
جون: «لا يكثر».. عموماً أما ترغب أن نجتمع في مقهى هلال بكس؟
عبدالله: فكرة جيدة وخصوصاً بعد ضغط هذا الأسبوع. ولكن أفضل أن يكون بعد موعد زوجتي في المستشفى التخصصي للجينات الوراثية.
جون: «أوكي» يكون بيننا اتصال.
عبدالله: وهو كذلك، ولكن ألا تود أن نرجع مرة أخرى لمقهى المركاز؟ أعجبني أكثر من هلال بكس.
جون: أشاطرك الرأي.. يكون حجاً وقضيان حاجة!
عبدالله: يا لسرعة فهمك يا جون! عموما «دييل».
يا ترى من منا سوف يعيش بعد أربعين عاماً من الآن؟ وماذا سوف يتحقق على أرض الواقع؟ الشيء الوحيد الذي أؤمن به أننا نستطيع تحقيق هذا وأكثر, حينما تكون هناك «رؤية شاملة وموحدة» تتحد فيها جميع القطاعات بلا استثناء لتحقيق الأهداف بكل «وعي وأمانة وإخلاص».
د. عصام الطبيشي - كلية الهندسة - جامعة الملك سعود
essamemail@gmail.com