توقعات بانتهاء عهد التضخم المتراكم بالمملكة في 2016م ">
الجزيرة - وحدة التقارير والأبحاث الاقتصادية:
معدل التضخم كان يعتبر من المؤشرات المعتدلة بالمملكة حتى عام 2007م، وبدأ يرتفع مع الزيادة الكبيرة التي أحرزتها الأسعار العالمية للنفط خلال فترة الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمي في 2008 - 2009م، والتي تسببت في زيادة كبيرة ومفاجئة في الإيرادات النفطية بالمملكة، والتي تم استغلال جزء كبير منها في نفقات حكومية ضخمة على مشاريع وبنية تحتية جديدة. ومع استمرار هذه الطفرة في الأسعار العالمية للنفط، التي أدت إلى إيجاد توجهات تضخمية واضحة، بدأت تتزايد وتتراكم من سنة لأخرى حتى وصل الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة للسكان بالمملكة إلى نحو 133.5 نقطة في نهاية الربع الثالث من 2015م، رغم أنه لم يكن يتجاوز 100 نقطة في عام 2007م.
المملكة حتى نهاية عام 2014م كانت توصف بأنها تعاني تضخماً حاداً بالمواصفات العالمية والمتعارف عليها اقتصادياً؛ إذ ارتفع الرقم القياسي بمعدلات كبيرة خلال السنوات الست الأخيرة، التي تخللتها ارتفاعات كبيرة في مستويات الإنفاق الحكومي. هذه الارتفاعات ينادي البعض الآن بضرورة الحفاظ عليها، لكنهم ينسون أن التضخم يتسبب في تآكل أي ثمار للتوسع الاقتصادي. والمملكة مستمرة في سياسة توسعية منذ 2006م تقريباً. هذا التوسع تسبَّب في زيادة هائلة في عرض النقود، بشكل يتسبب في تآكل القيمة الحقيقية والشرائية للنقود. الآن كما ينادي البعض بضرورة الحفاظ على التوسع الاقتصادي وضرورة إيجاد مصدر لتمويل العجز الناجم عنه فإن البعض الآخر ينادي بالحفاظ على ثمار التوسع، بالحد من التضخم والسيطرة على مستوياته.
إن لسان الحال ليقول: ما هي قيمة أن تعطيني دخلاً إضافياً ولكن قيمته الحقيقية منخفضة؟ إن هذه الفترة التي يكتنفها تراجع الأسعار العالمية للنفط يمكن أن تكون مناسبة لوضع وصفة حقيقية لعلاج التضخم. وفي الوقت نفسه وصفة اقتصادية مناسبة للحفاظ على ثمار التوسع.
ووحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية لـ(الجزيرة) تؤكد خطورة التضخم بأنه لا يضرب السلع الترفيهية ولا السلع الكمالية، ولكنه غالباً ما يترك تأثيره وتداعياته على السلع الضرورية، بدليل أن التضخم كان يأتي من المواد الغذائية، وأيضاً من السكن والمياه والكهرباء وأنواع الوقود الأخرى بالمملكة، وهما المصدران الأعلى أهمية نسبية «وزن نسبي» داخل هيكل التضخم بالمملكة.
لذلك فإن السياسة المنتظرة في عام 2016م من المهم أن توازن بين الإنفاق على السكن والمواد الغذائية والحفاظ على القيمة الشرائية العادلة فيهما. وتؤكد وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية لـ(الجزيرة) أن أي تراجع في مستوى الإنفاق الحكومي يمكن أن يكون في صالح علاج التضخم المتراكم منذ 2008م، ومن ثم سيكون في صالح الاقتصاد الوطني عموماً.. وكثير من الدول تفرض مثل هذه السياسات الاقتصادية، ليس لتراجع أسعار النفط، وليس لتراجع الإيرادات الحكومية، ولكنها تفرضها لضرورات اقتصادية واجتماعية، خاصة للحفاظ على هيكل وعدالة توزيع الدخول والموارد بما بين الفئات المختلفة بالمجتمع.