جاسر عبدالعزيز الجاسر
في قراءتهم لقرارات قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي اختتمت في الرياض الأسبوع الماضي لم يجد المحللون السياسيون والاقتصاديون تطورًا نوعيًا، بل عدَّت القرارات استمرارًا لنمطية ما يصدر من القمم السابقة، وأن الإضافة وما يتخذ يدعم المسيرة المتدرجة لعمل مجلس التعاون الذي اعتمد التوافقية للحصول على الإجماع حتى يضمن القادة التنفيذ التام للقرارات.
هذه القراءة المتسرعة ونمطية التحليل لم يخرج عنها سوى الزميل الأستاذ سلمان الدوسري رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط، الذي نبّه إلى أهم قرار اتخذته قمة الرياض الأخيرة، الذي يعد من أهم ما اعتمد منذ إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية وما اتخذه القادة الخليجيون في الرياض في قمتهم الأخيرة لا يعرف أهميته وقيمته إلا من عاصر مسيرة مجلس التعاون ولمس تعثر العديد من المبادرات التي قدمت في اجتماعات القمم الأخرى إلا أنها تعثرت بسبب تحفظ دولة وتردد دولة أخرى، وهكذا ضاعت على دول الخليج العربية كثيرًا من خطوات التكامل بسبب تخلف دوله عن الركب الخليجي الذي كان هدفه ولا يزال السير نحو التوحيد وإقامة الكيان الخليجي الواحد.
الوصول إلى هذا الهدف والطموح الذي تسعى وتعمل له جميع دول الخليج العربية وأهلها كان يصطدم بمادة في النظام الأساسي للمجلس، إِذ تضمنت المادة التاسعة من النظام وجوب «أن تصدر قرارات المجلس الأعلى لمجلس التعاون في المسيائل الموضوعية بإجماع الأعضاء الحاضرة المشتركة في التصويت». ومعنى هذا إِذ لم تصوت أية دولة أو أكثر أو تتحفظ على أي اقتراح يسقط ولا ينظر إليه، وهكذا تساقطت العديد من المبادرات التي كانت ستعزز اللحمة الخليجية وتسرع مسيرة التوحيد، وقد عالج القادة الخليجيون بحكمتهم في قمة الرياض الأخيرة هذه العقبة باعتماد نص انتظره الخليجيون كثيرًا يؤكد على «إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها في إطار المجلس على أن تتبعها بقية دول المجلس متى ما كان الوقت مناسبًا لها».
حل مريح وبسيط يجعل الدول الأكثر اقتناعًا وتأهيلاً ووضعها يسمح بالسير قدمًا لتحقيق خطوات الترابط والتوحيد، وترك الدول الأخرى التي قد لا تسمح ظروفها أو لدى قياداتها تحفظات أو حتى تردد بمراجعة مواقفها ومعالجة ظروفها للالتحاق بمن سبقها من الدول.
هذه الفقرة ستعالج كثيرًا من الإجراءات المهمة والأساسية في مسيرة المجلس، ليس فقط في تسريع وتيرة التعاون وخطوات التكامل الاقتصادي، بل وحتى في إنجاز الترابط الأمني والعسكري وصولاً إلى استكمال منظومتي الأمن والدفاع اللتين تحتاجهما دول مجلس التعاون في المرحلة الراهنة لمواجهة الأخطار المحدقة بها.