جاسر عبدالعزيز الجاسر
مع التأكيد بأن الجماعات الإرهابية المبنية على أيديولوجيات وأفكار شاذة لا يمكن تبريرها ولا يمكن حسابها على دين أو عرق أو قومية أيا كانت تلك الأديان والثقافات، وأن الإرهابيين لا يحتاجون إلى مبررات أو أعذار للانخراط في شن الأعمال الإرهابية وممارسة الإجرام المتأصل في النفوس حيث استمرأت شخصياتهم الانخراط في ممارسة الأعمال الإجرامية الإرهابية، ولهذا فإنهم ليسوا بحاجة إلى حجج أو مبررات للاستمرار في هذه الأعمال الشاذة.
وبالتالي فإن اتهام وإصرار بعض السياسيين في الغرب وبالذات في أمريكا وفرنسا بحصر الإرهاب بالمسلمين وتوجيه الاتهام لهم بممارسة هذا الإجرام، والمطالبة بمحاصرة المنتمين للدين الإسلامي بأساليب متنوعة إلى حد منع دخولهم إلى بلدانهم، ومثلما يطالب مرشح الحزب الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب الذي يصر على تكرار مطالبته هذه رغم استهجان المجتمع السياسي الأمريكي والغربي بما فيهم شريحة كبيرة من الحزب الجمهوري الأمريكي الذي يسعى للترشح عنه لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وقد تصاعدت معارضة السياسيين في أمريكا لهذا المرشح المتعصب إلى حد مساواته بالزعيم النازي أدولف هتلر، كونه عنصرياً ينشر الكراهية في المجتمع الأمريكي، وقد اعتبر البيت الأبيض أن ترامب بتصريحاته تلك ومواقفه العنصرية لا يصلح البتة أن يكون مرشحاً لانتخابات الرئاسة، وفعلاً أدت تصريحات ترامب إلى تراجع شعبيته التي كانت إلى ما قبل ذلك الأكثر والأعلى بين المرشحين الجمهوريين الآخرين، كما أن مواقفه وتصريحاته ضد المسلمين قوبلت في العديد من الدول الغربية وحتى في الكيان الإسرائيلي برفض مطلق، وقد قدم ستة أعضاء من مجلس العموم البريطاني وأكثر من ثلاثمائة ألف مواطن بريطاني يطالبون بمنع ترامب من دخول بريطانيا، والغريب أن عددا من الساسة الإسرائيليين طالبوا بعدم استقباله الذي أجل زيارته للكيان الإسرائيلي، وفي اسكتلندا طالب عدد من الاسكتلنديين بلغ عددهم 17 ألف شخص جامعة روبرت غوردون في مدينة أبروين الاسكتلندية إلى تجريد ترامب من الدكتوراه الفخرية التي منحته إياها عام 2010.
كل هذه الردود الشاجبة والمستهجنة لمواقف وأقوال ترامب لم تمنعه من مواصلة الاستفزاز والتحريض ضد المسلمين ونشر الكراهية في الدول الغربية، حيث طالب فرنسا بمنع دخول المسلمين من فرنسا وتجريدهم من جنسياتهم رغم أنهم مواطنون أصليون، وقد وجدت دعوته صدى لدى زعيمة العنصريين الفرنسيين زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية التي لا تقل عنصرية عن نظيرها الأمريكي، إلا أنها لم تجرؤ على ترديد دعواته الإقصائية.
مواقف وتصريحات ترامب التي لاقت الاستهجان والرفض في العديد من الأوساط السياسية الأمريكية والأوروبية إلا أن تنامي الكراهية واتساع العنصرية الموجهة ضد المسلمين، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية يكشف حجم التأثير السلبي المدّمر لأفعال وجرائم التنظيمات الإرهابية التي تدين الانتماء إلى المسلمين، والإسلام والمسلمين براء منهم ومن أعمالهم التي جيشت الكثيرين لإظهار عدائهم للمسلمين.