جاسر عبدالعزيز الجاسر
في تحرُّك حظي بتقدير واهتمام الدوائر الاستراتيجية والقوى الدولية، كشف سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية، عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري من خمس وثلاثين دولة إسلامية، وتأييد عشر دول إسلامية أخرى بحاجة إلى ترتيب أوضاعها الداخلية ومواءمة إجراءاتها الدستورية للانضمام لهذا التحالف، الذي أصبح ملحًّا وضروريًّا لمواجهة الأخطار التي تواجهها الدول الإسلامية، التي - رغم استهدافها من الجماعات الإرهابية؛ كونها الأكثر تضرراً، سواء بعدد الهجمات ونتائجها - تُتَّهم بأنها مصدر الإرهاب والدول المصدرة له.
إن التحرك الإسلامي الجديد الذي تقوده السعودية يقدِّم الرد العملي الإيجابي على كل الاتهامات، سواء من دول الغرب أو الشرق، غير المنزهة من أغراض الهيمنة والأطماع، التي استثمرت ظاهرة الإرهاب، و(جيرت) نتائجه لصالحها، وتعاملت مع الجهات الداعمة له، والقائمة به، سواء الدول أو الجماعات والمنظمات الإرهابية، وبخاصة تلك التابعة لنظام ملالي إيران.
الرد الإسلامي جاء في صورة تحالف عسكري واسع، ضم 90 % من المسلمين؛ فالدول الخمس والثلاثون المنضمة للتحالف - إضافة إلى الدول العشر التي سترتب أوضاعها الداخلية والدستورية للانضمام للتحالف - حققت فرزاً واضحاً للكتلة الصادقة المحارِبة والرافضة للإرهاب، كاشفةً ما تبقى من دول توظِّف الإرهاب لخدمة أجنداتها، سواء كانت بعلاقات مباشرة أو غير مباشرة مع المنظمات الإرهابية، وهو ما يفرز الكتلة الشريرة من خلال النتائج التي تحققت لصالح تلك الدول المبتعدة عن التحالف الإسلامي العسكري، والفوائد التي جنتها من وراء تنفيذ المنظمات والمليشيات الإرهابية - بما فيها المنظمات التي تنسب إلى مكون مذهبي يختلف مع مرجعيتها المذهبية - على عكس الدول الإسلامية الأخرى التي رغم تطابق مذاهبها مع ما يدعي المنتمون للمليشيات الإرهابية إلا أنها توجِّه عملياتها لهذه الدول وفق خط ونهج واضح لخدمة أجندات الدول المستفيدة من استمرار الإرهاب، التي لم تكلف نفسها الانتماء للتحالف، ولا يهمها ما سببه من تدمير لسمعة الإسلام والمسلمين.
التحالف الإسلامي العسكري - إضافة إلى إيجابية الظاهرة من أنه يشكل كتلة دولية قوية بقدراتها المالية والعسكرية والبشرية والروحية - أيضاً سيساعد بل يعمل على تقليص بل حتى إلغاء الخلافات بين دوله التي تتعارض اتجاهاتها الفكرية والسياسية؛ فوجود دولتين إسلاميتين كبيرتين، لهما ثقلهما السياسي والمادي والعسكري (كجمهورية مصر العربية والجمهورية التركية) في تحالف عسكري واحد، وبوجود دولة صديقة وعزيزة على كليهما، هي المملكة العربية السعودية، لا بد أن يقلص الاختلافات على أمل أن يلغيها، وهو ما يتطلب أن ينصهر الجميع في بوتقة المصلحة الإسلامية الواحدة، والتخلي عن دعم الجماعات الحزبية، والعمل على تعزيز قوة الدول الإسلامية التي حتماً ستنعكس إيجابياً على المصلحة الإسلامية.
تعزيز اللحمة الإسلامية، وفرز القوى الانتهازية والشريرة التي لا يهمها المصلحة الإسلامية بقدر مصالحها المذهبية القُطرية وتعزيز نفوذها لتحقيق أطماعها، سيكشفانها ويعريانها أمام أبناء الأمة الإسلامية، الذين لا بد أن يلاحظوا من يعمل ويضحي من أجل كل المسلمين، ومن يفعل حتى الموبقات - والإرهاب إحداها - لتحقيق أطماعه العنصرية والمذهبية.