محمد الخنيفر
«كان أحد كبار السن يسير على شاطئ البحر عندما لاحظ شابا يلتقط نجمة بحر ويلقيها تجاه المياه أثار هذا التصرف فضول الرجل الهرم فاقترب من الشاب وسأله: «لماذا تشغل نفسك.
.. بإعادة إحدى نجمات البحر إلى المياه رغم أنك تعلم أن الموج سيدفع المزيد منها إلى الشاطئ ؟
أجاب الشاب: «لأن أمواج البحر سوف تنحسر عند الظهيرة وعندها ستموت نجمات البحر هذه».
هنا ازدادت حيرة الرجل وقال: «ولكن هناك الكثير من نجمات البحر على هذا الشاطئ الذي يمتد لأميال عدة. وبالتأكيد فأنت لن تجول هذا الشاطئ كله وعليه فإن ما تقوم به لن يصنع الفارق لنجوم البحر الأخرى!».
عندها ابتسم الشاب والتقط نجمة بحر أخرى وألقاها في الماء إلى أبعد مسافة يستطيعها وقال حينها: «ذلك سيصنع فارقا لتلك النجمة!».
***
تلخص هذه القصة رحلة العزيمة والإصرار التي يقوم بها إخواننا وأخواتنا في الإسلام بنيجريا. فتلك القلة تحاول عمل تغيرات بسيطة على أمل أن تستطيع صناعة الفارق. فإخواننا هناك يطمحون بأن يلتفت صناع القرار نحو الصكوك ويستعينون بها من أجل عمارة الأرض وإقامة المشاريع التنموية في البلاد.
كانت منظمة المؤتمر تصرخ بحزن في كلمتها الختامية وتقول إن «امهاني» (اسمها) ضعيفة ولا تستطيع لوحدها دفع عجلة الصكوك ببلادها وكانت تناشد الجميع بالتكاتف معاً وفعل شيء ما.
عندها وقف أحد الحضور وقال: «إذا كنت تعتقد أنك صغير جداً لإحداث تأثير في هذا الكون.. حاول أن تنام وحدك بوجود بعوضة صغيرة بقربك!!.
وأضاف: «دعونا نكتب مكتوب للحكومة وننشره في الصحف ونقول فيه إن النصارى والمسلمين اجتمعوا معاً خلال فعاليات مؤتمر المالية الإسلامية وهم يرون ضرورة تسريع الجهود الحكومية للاستعانة بالسندات الإسلامية».
رحلتي للعاصمة النيجرية «أبوجا».
ذات يوم تلقيت اتصالا من بطلة قصتنا «أمهاني» تفيد فيه بأن الجهة المنظمة قد رشحتني للتحدث في ثلاث جلسات عن الصكوك وكيفية توظيفها مع الاقتصاد النيجري الذي يعتبر أضخم اقتصاديات القارة الإفريقية. سافرت لنيجريا مخالفا نصائح أصدقائي بعدم السفر وذلك لنواح أمنية. قد يُصدم القارئ عندما يدرك أن المسلمين هناك يعتزون بديانتهم فهم يتعلمون اللغة العربية ويتحدثونها بطلاقة لدرجة تتساءل إذا ما كانت جذورهم عربية، كم فرحت جدا عندما تحدثت مع بعض الكفاءات المصرفية الشابة هناك التي تعمل لدى بنوكها الإسلامية، كانوا يقولون لي إنهم لن يعملوا بعد الآن لدى البنوك التقليدية بعد أن يسر لهم الله العمل بالبنوك الإسلامية، كنت أرى في أعينهم طموحا عاليا لإدخال الصكوك لديهم. فهم يُجمعون أن ما ينقصهم حاليا هي العزيمة السياسية.
إن لنا في نيجريا إخوة في الدين يحاولون تقريب وجهات النظر مع إخوانهم من الديانة النصرانية وذلك لما فيه صلاح بلادهم. وهم يحاولون نشر التوعية والإشارة بأن الاستعانة بالمالية الإسلامية لا يعني «أسلمة» البلاد. وكما قالت «أمهاني»: «ليس هناك فرق بين الكرسي الأبيض أو الأسود ما دام يؤدي نفس الغرض» في إشارة منها إلى أن السندات والصكوك تشترك في الغاية وهي جمع الأموال لتمويل مشروعات البنية التحتية.
«فاللهم بارك جهود إخواننا وأخواتنا هناك واطرح فيها البركة»