د. عبدالعزيز الجار الله
نتائج الانتخابات البلدية 2015م في دورتها الثالثة التي جاءت بعد الدورة الثانية 2011م، والدورة الأولى 2005م،لم تكن مفاجأة في نتائجها الضعيفة والمتواضعة، تعلمت (الناس) من واقع التجربة عدم فاعلية المجالس البلدية في دورتين سابقتين،كانت المجالس خارج القرار بسبب الممارسات الإدارية وعزلة القرار من وزارة البلديات والوزارات المعنية،وأمانة المناطق، وإمارة المنطقة، ومن الهيئة العليا للمدينة وحتى من أمانة المدينة، وربما من البلديات الفرعية، إذن ما الجدوى من الانتخابات إذا لم توقف تدخلات هذه الجهات التي تعطل عمل المجالس البلدية المنتخبة، ثم ما قيمة أصواتنا وما وزن حقنا الانتخابات إذا لم يكن لها تأثير، حتى أصبح لا فرق بين الانتخاب والتعيين.
لا يمكن أن نكون أو نستمر خارج دارة العالم في حقنا الانتخابي في القطاع البلدي وقطاعات الخدمة، وأن نكون خارج دائرة النظام التعليمي العالمي الأكاديمي في التصويت والانتخاب، وهذا لا يعني عيوبا مطلقة في التعيين لكن من التجربة العالمية الانتخاب والتصويت تعد الأفضل في الاختيار، والمملكة أرسلت أبناءها لجامعات العالم بالغرب والشرق عبر برنامج الابتعاث،كما أن الجامعات أرسلت المعيدين، ووزارة الخدمة المدنية أرسلت الموظفين لنقل بعضا من الإجراءات الإدارية والأكاديمية الناجحة وتطبيقها على مؤسساتها لتطوير المجتمع والجامعات التي تمثل النخب والطبقة المثقفة وبيوت الخبرة للمهن والأعمال، لكن قبل ما نسميه إخفاقا انتخابيا بلديا فإن مجتمعنا وأنظمتنا الإدارية قد أخفقت في أهم بيئاتها الأجدر على النجاح، لقد فشلت تجربة الانتخابات في الجامعات السعودية - تمرر بعض التعيينات عبر التصويت -، وأصبح التصويت شكلي إلا في نطاق محدود في مجالس الأقسام، وأصبحت التعيينات هي السائدة في الجامعات التي يفترض أن تكون معظم إجراءاتها قائمة على الانتخاب والتصويت.
قطاع الوزارات تغيب عنه ثقافة التصويت والانتخاب قطاعات: التعليم والهيئات والعدلية والمستشفيات غابت عنها ثقافة التصويت. فالانتخاب ممارسة إدارية للفرز والتصنيف وحق الاختيار وأداة للقياس كان من الأنسب أن تمارس في المدارس والكليات والجامعات حتى يسهل تطبيقها في الحياة العامة. وكان علينا أن ندقق ونحاسب لماذا فشلت التجربة في الجامعات، ولماذا اعتمدنا على أسلوب واحد في الإدارة أسلوب التعيين الذي فشل في حالات كثيرة ولدينا نماذج عدة انكشفت بعد التعيين وتبين فشلها ونقصها الشديد في الخبرات الإدارية والفنية والسجل المهني، مما تم التعجيل في إقالتهم وإبعادهم لحماية أجهزت الدولة والمجتمع.
الفاصل ليس ببعيد ما بين الانتخاب والتعيين إذا كان هناك رغبة حقيقية في الدخول في الحياة الانتخابية وتعدد أدوات الفرز والاختيار، وكانت النية حاضرة في إعطاء الفضاء والمساحة في الحق الانتخابي وقيمة الأصوات.