إبراهيم السماعيل
كلما ازداد إرهاب داعش وأصبح أكثر دمويةً ووحشيةً وإجراماً أصبحت الاستفادة منه وتوظيفه أكبر لدى كل المستفيدين من وجوده، وازدادت بالتالي قناعتي بحجم المؤامرة التي تُشكل داعش إحدى أهم ركائزها الآن.
تماماً كما فعل جورج بوش الابن عندما رفع شعار محاربة الإرهاب الفضفاض والمضلل والذي بناءً عليه احتل أفغانستان والعراق، ولم يحارب الإرهاب بل على العكس تضاعف هذا الإرهاب واستشرى حتى وصلنا اليوم إلى إرهاب داعش الذي يفوق إرهاب القاعدة بشاعةً ووحشيةً وإجراماً.
إن حرب بوش على الإرهاب آنذاك لم تكن سوى مرحلة من مراحل عدة للوصول إلى تنفيذ مؤامرة الشرق الأوسط الجديد، وها نحن نعيش الآن المرحلة الداعشية من نفس المؤامرة والتي تعتمد إضافةً لداعش على دعم المشروع الفارسي في المنطقة وتغليب عملائه من الأقليات واللذين يتكاملان مع داعش للوصول للهدف النهائي وهو تفتيت المنطقة وخلق شرق أوسط جديد حيث إن الفرس ومشروعهم وعملاءهم من الأقليات وداعش ليسوا سوى أداة من أدوات هذه المؤامرة الخبيثة.
إن أكبر من ساهم في تعويم وإبقاء عصابة الأسد إلى الآن ليست إيران وعملاؤها الصغار مثل حزب إبليس اللبناني والعصابات الشيعية العراقية والأفغانية ولا حتى التدخل الروسي الأخير الداعم للأسد، وليس التآمر الغربي على الثورة السورية منذ بدايتها فقط، بل إن أكبر من ساهم في بقاء الأسد وعصابته إلى الآن هي داعش، حيث إن مساهمة داعش في بقاء العصابة الأسدية أكبر من كل مساهمات من ذكرت مجتمعين، فلولا داعش ومساهمتها الفعالة مع الأسد في إبادة السوريين ومحاربة الثوار لكانت كل ذرائع الأسد وإيران والروس في محاربة الإرهاب قد تهاوت، فداعش توفر لكل هؤلاء الغطاء المطلوب لإبادة الشعب السوري، بل وتساهم معهم في هذه الإبادة، نفس الشيء حدث في العراق عندما انتفضت الأنبار ومعها كل المحافظات السنية سلمياً وباتت هذه الانتفاضة السلمية تهدد عملاء إيران في بغداد، حينها ظهرت داعش وبشكل مفاجئ وسريع ومريب، مما أعطى المبرر لإنشاء الحشد الشيعي وليس الشعبي، والذي فعل الأفاعيل في العرب السنة تحت ذريعة أنهم دواعش وهجّرهم وأحرق وفجّر بيوتهم، والذين أيضاً كانت داعش تعدم المئات منهم يومياً مما يوضح اتفاق داعش والحشد الشيعي تحت القيادة الفارسية على إبادة وترهيب عرب العراق السنة.
وعليه فإن داعش تكون قد قدمت طوق النجاة للعصابات الطائفية في سوريا والعراق وللمشروع الفارسي في المنطقة، وكذلك أعطت المبرر للروس والغرب في إكمال مؤامرة حرب بوش الابن على الإرهاب المضللة، ومن هنا يتضح سبب وجود ودور داعش الحقيقي.
وعليه يتضح أن أكبر المتضررين من وجود الإرهاب والإجرام الداعشي هم العرب السنة المعتدلون وهم الغالبية العظمى الذين تستهدفهم مؤامرة الشرق الأوسط الجديد، وأن أكثر المستفيدين من وجود الإرهاب الداعشي بطرق غير مباشرة هو الغرب ومن بعده المشروع الفارسي وعملاؤه في العراق وسوريا واليمن بطرق مباشرة تُنقَل لنا أدلتها على الهواء مباشرة يومياً.
وبعد التصريح الأمريكي وقبله الفرنسي عن إمكانية بقاء الأسد خلال المرحلة الانتقالية لمحاربة داعش مع الحلفاء اتضح دور داعش في هذه المؤامرة حيث كان موقف الفرنسيين والأمريكان المعلن السابق لهذه التصريحات أنه لا حل سلمي للكارثة السورية بوجود الأسد وعصابته وأن وجود الأسد هو أهم أسباب وجود داعش وهو الداعم الأساسي لها، إن التصريحات الفرنسية والأمريكية الأخيرة بعدم ضرورة رحيل الأسد خلال الفترة الانتقالية والتي قد تمتد إلى سنة ونصف السنة والتي سيجري خلالها الكثير من التآمر للوصول إلى التصريح العلني بضرورة بقاء الأسد وعصابته إلى أجلٍ غير مسمى تحت ذريعة محاربة الإرهاب وما سوف يتبعه من تغليب للأقليات وللمشروع الفارسي في المنطقة وقهر للغالبية العربية السنية والذي سوف يزيد المنطقة اشتعالاً، وقد ينتج عشرات المنظمات الإرهابية المشابهة لداعش ويدفع بالغالبية المعتدلة للتطرف، وقد ينقلب طوق النجاة الداعشي الذي سبق استخدامه من الفرس وعملائهم الطائفيين ليصبح الملجأ الأخير للغالبية العربية السنية، فهل يكون هذا في حال حصوله جزءاً من المؤامرة؟ وهل تنجح المؤامرة بعده؟ أم يعود أصحاب المؤامرة عندها لتغليب منطق العقل نظراً لحجم الكوارث المترتبة على هذه المؤامرة من جهة، ولاستحالة استمرار نظرية تغليب الأقليات من جهةٍ أخرى؟.