عبد الرحمن بن محمد السدحان
«قالوا : بم تنصح جيلنا الحاضر ؟
«قلت : كلمات كثيرة يفيض بها الخاطر في هذا السياق بالرغم من زهد التجربة التي لا تؤهلني لشغل منبر الناصح لهذا الجيل! إلاّ أن عفوية السؤال، وأهميته يمنحانني الرغبة الصادقة في (التصدّي) له بكلمات أوجّهها إلى جيلنا الغالي وهو يقف على أعتاب الحياة، كتبتها عزْفاً على أوتار الوجدان الوطني والتجربة الشخصية فجاءت على النحو التالي:
* * *
أولاً:
«لا تستعجل يا عزيزي الشاب النجاح تمنّياً، ولا تستسهله ارتجالاً، فما نيل المطالب بالتمنّى، ولكن تُؤخذُ الدنيا غِلاباً، كما قال الشاعر القديم!
* * *
ثانياً:
«تذكّر رعاك الله أن إحراز مقعد في جامعة داخل المملكة أو خارجها ليس وسيلة يُدرك بها وحدها النجاح، رغم أن تجربة الجامعة تبقى جزءاً من معادلة حياتية قد تؤدّي إلى نجاح .. وقد تنتهي بفشل، وتبقى الجامعة في كل الأحوال وسيلة، إن أحسَنتَ استثمارها، أحسَنتْ إليك، وإن كان العكس، تجاهلتْكَ وتنكرت لك بل وأنكرتْك !
* * *
ثالثاً:
«احترم آداب العمل وأخلاقياته، وفروضه ونوافله حيثما يقودك قارب العمل في الدولة أو القطاع الخاص، والعمل النافع في نهاية المطاف صراط تتحقق به الذات نمواً وسمواً، واحذر أن تدع لسانك يتحدث عنك تزكيةً لك أمام وليّ أمر عملك! الإنجاز وحده قادر على ذلك!
* * *
رابعاً:
«لا تلهك الحياة الدنيا ونعيمها الماديّ عن ثلاثة:
1) ربّك الله الذي أنعم عليك بالحياة وما فيها، ومكّنك أن تتعلم ما لم تكن تعلم!
* * *
2).. ثم أمك التي حملتك وْهناً على وهن .. لا ترجو منك ثواباً ولا شكوراً، سوى الحب والدعاء.
* * *
3).. ثم أبوك الذي بذل لك الجودَ والموجودَ كي تبلغَ من شأنك ما بلغت وليسعد هو بذلك!
* * *
«ولا تنسَ بعد كل شيء وطنك الذي وهبك هُوية الأرض وكرامة الأصل، وأريحية الانتماء.. وسخّر لك مقوَّمات النموّ، لتبلغ من الشأن ما تريد! أوفِ لوطنك الفضل بالنية الصالحة، والقول الصادق، والعمل الجاد، سرّاً وعلانية!
* * *
خامساً:
«أما الذين يُؤْرقهم الحنينُ مثلي إلى الحرف الجميل، فأقول لهم : الكتابة عشقُ لا صنعة، وموهبةُ لا بدعة، ومن شاء منكم أن يكتب، فليفعل.. ولكن عليه أن يحاسب نفسَه، طرحاً وأسلوباً، قبل أن يُحاسَب، وأن يحترمَ إحساسَ القارئ وذكاءَه، إن كان يريد بقاءً، وألاَّ يستعجلَ النجاح، أو يزايدَ على فطنة القارئ أو يراهن على رضاه، لأن رضا القارئ الحصيف غاية لا تدرك في كل الأوقات، ولو حرص مَنْ حرص، فالقارئ في النهاية هو الخصم حيناً، لكنه ليس الحكَمَ دائماً!