سامى اليوسف
الفقر لا يحتاج إلى توضيح، أو توصيف، فالجميع يعرفه، ويدرك أسبابه، وشكله ولونه. لكن مصطلح الـ» غلدمة « يحتاج إلى تفسير، ويعني الحزن وتكشير الوجه معاً. ويعني أيضاً العبوس أو التجهم، وبالعامية نقول أيضاً: « فقير ونفسه شينة».
ملخص حال كرة القدم السعودية إدارياً، ومالياً، وفنياً ينطبق عليه هذا المثل الدارج في منطقة نجد.
فهذا الفريق، وعلى الرغم من «فقره» الفني في الأداء والنتائج بدليل تغيير مدربه، يشتكي من التحكيم مدعياً تعرضه للظلم في حين كانت الفرق التي تواجهه تتعرض لأبشع أنواع الظلم التحكيمي الذي انصب لمصلحته في تغيير مسار ونتائج مبارياتها.
وكذلك لاعبه الذي استمرأ الخروج عن النص منذ مواجهة السوبر، ومروراً بافتتاحية مباريات فريقه في الدوري عندما احتج على تغييره، وتهجم على الحكم في تصريح متلفز، يعود عقب آخر مباراة محاولاً فرض عضلاته، ولسانه ضد لاعب الخصم، ولأن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، فقد تجاوزته العقوبات الانضباطية مستلهمة تجاوزها من عبارة « لا شيء يذكر»!
وفريق آخر لا يكتفي لاعبوه وجمهوره بسوء مستواهم في الملعب والمدرج، بل يزيدون على ذلك بتأليب الجمهور على المدرب قبل أن يقذفه صغار العقول بالفوارغ ويستحقوا على ذلك عقوبة انضباطية باهظة الثمن، بينما يغض النظر هؤلاء ومعهم الإعلام المسير عن كذبة «الميزانية المفتوحة» وراعيها «أبو الفلاشات»، في مشهد يجسد «الفقر والغلدمة» في آن واحد!
وعلى صعيد اتحاد الكرة، فإن عمل لجانه « باستثناء لجنتيّ الاحتراف والمسابقات»، يجسد ما نحن بصدده، فهذه لجنة الحكام تفوح رائحة الشللية والمشكلات من داخلها، وأروقة لجانها الفرعية إلى حد الفضيحة ونشر الغسيل، والحكام لم يكتفوا بـ»فقر» مستوياتهم، وترهل أجسادهم، بل زادوا على ذلك سوء تعاملهم مع اللاعبين.
وكذلك الحال بالنسبة للجنة الانضباط التي يبدو أنها توارثت «الفقر والغلدمة» بقرارتها التي أصبحت تقسم الأندية إلى كبيرة « تصرف النظر عن أخطاء لاعبيها»، وصغيرة تذبح إدارتها بالعقوبات، وفي هذا السياق يقول رئيس المركز الإعلامي بنادي هجر عبدالله العديل:» هجر تضرر كثيراً من القرارات الارتجالية للجنة الانضباط.. ولكن كلما تكالبت الظروف ظهرت معادن الرجال». ويتساءل في الإطار ذاته الإعلامي عبدالوهاب الوهيب:» لماذا عاقبت لجنة الانضباط لاعب هجر، وتغاضت عن تغليظ عقوبة لاعب النصر، ولم تشر لتصرفات السهلاوي الانفلاتية بعد اللقاء؟ هل ما نراه الآن من معاقبة الأندية الصغيرة ولاعبيها وتجاهل عقوبات الأندية الكبيرة ولاعبيها وضع صحي؟ وإلى أين سيقود رياضتنا هذا الضعف؟».
وإمعاناً في «الغلدمة» اتخذ اتحاد الكرة نهجاً غير معلن مؤخراً بشكوى أي إعلامي ينتقد حاله، وقراراته إلى وزارة الثقافة والإعلام!
لن يزول الفقر، وتذهب الغلدمة عن واقع، وحال كرة القدم السعودية إلا مع تجاوزنا لمرحلة «الفوضى الخلاَّقة» التي نعاني منها حالياً، وتواجد إداريين وإعلاميين يغلبون مصلحة الوطن قبل أنديتهم، وميولهم.. بفكر متطور، ومتجدد يقبل الآخر، ولا يقصيه.
أخيراً ،،،
تعاملت معه صحافياً، ومذيعاً في قناة «الزعيم»، ثم مديراً للمركز الإعلامي بنادي الشباب.. ولم أجد منه إلا كل الاحترام والتقدير.. شكراً عمر الغامدي، فأنت تجسد حالة اللاعب المحترف بفكره، وتعاملاته، والتزاماته.