عبدالله العجلان
بماذا نفسر الانتقادات المتتالية والمتزايدة الموجهة للجنة الحكام الرئيسية من حكام ينتمون إليها ولجان فرعية تابعة لها؟ لماذا اضطر هؤلاء إلى نشر غسيل اللجنة عبر وسائل الإعلام، وليس داخل أروقة اللجنة؟ وإذا كنا نتصور أن الأحاديث والتصريحات من الأندية ضدها هي من باب تبرير إخفاقاتها فماذا نسمي هجوم الحكام أنفسهم عليها؟
هنالك من يظن أن مشاكل التحكيم عندنا فنية بحتة، وهذا غير صحيح، ولا يجسد واقعنا التحكيمي، ولا يقدم حلاً شافياً وإصلاحاً مطلوباً لحال التحكيم. شخصياً، كنت - وما زلت - أرى أن لجنة الحكام الرئيسية في حاجة ماسة للتطوير الإداري أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما يؤكد مقولة إن رئيس اللجنة لا بد أن تكون لديه مواصفات الإداري الناجح أهم من كونه حكماً سابقاً، على اعتبار أن المهام الفنية هي من اختصاص المقيمين، وحالياً يتولاها بخطوة إيجابية الخبير الإنجليزي هاورد ويب.
إذا أراد اتحاد الكرة تطوير مستوى التحكيم فلا بد من إقرار هيكلة إدارية ولائحة تنظيمية للجنة، تختلف عن المعمول بها حالياً، التي أدت إلى استمرار أوضاعنا التحكيمية على ما هي عليه رغم تغيير أسماء رؤساء وأعضاء العديد من اللجان، إلى جانب تعديل مكافأة الحكم، ورفعها إلى مبلغ يوازي أهميته وقيمته وقوة تأثيره على المباراة، وبما يحفزه على الاهتمام بأدائه والحرص على تجنب معاقبته بالإيقاف والحرمان من المكافأة المجزية..
العديلي والطائي الجديد
لم تكن مفاجأة عضو الشرف الراقي الوفي المهندس سعود الصقية بتبرعه السخي بنصف مليون ريال هي وحدها السارة والمبهجة للجماهير الطائية؛ فقد فاجأ رئيس الطائي اللواء متقاعد عبدالله العديلي هو الآخر أعضاء شرف الطائي وجماهيره والرياضيين عموماً بخطوة إدارية غير مسبوقة، ليس فقط في نادي الطائي بل على مستوى الأندية السعودية، متمثلة بتقديمه لمشروع استراتيجية وخطة عمل إدارته في المرحلة القادمة، عبر أهداف محددة، ووفق برمجة زمنية واضحة ورؤية موضوعية، تتماشى مع آمال وطموحات الطائيين، وفي الوقت نفسه تتلاءم مع واقع النادي وظروفه وإمكاناته المالية والإدارية والفنية..
يشدني ويعجبني القائد الذي يبتعد في أسلوبه الإداري عن العشوائية والفوضوية، ويضع لنفسه ولفريق عمله خارطة طريق، تتحرك إدارته بموجبها، وصولاً إلى أهداف لا يهم إن لم تتحقق جميعها بقدر أهمية أن يسعى إليها، ويحرص على التعامل معها، وهذا بحد ذاته نجاح وترسيخ لمفهوم العمل المؤسسي الغائب تماماً عن إدارات الأندية والقطاعات الحكومية بوجه عام، إضافة إلى أنه يساهم في تطبيق نظام يسود ويدوم، ويتم تداوله واستكماله والالتزام به من قِبل الإدارات المتعاقبة، عكس ما هو حاصل الآن في كثير من الإدارات؛ إذ تعمل كل إدارة بمعزل عن استراتيجية سابقتها؛ ما يجعل النادي في دوامة القناعات المتناقضة بين إدارة وأخرى..
كثير من فوضى الإنفاق المالي في الأندية سببها عدم وجود خطة مالية للإيرادات والمصروفات طويلة المدى، والوضع نفسه يسري على الأمور الفنية وتنامي معضلة التغيير الموسمي الهستيري للمدربين، وكذلك غياب الهدف المراد تحقيقه من الفريق الأول والفرق والألعاب الأخرى، سواء في الموسم الحالي أو المواسم اللاحقة، وهو بالضبط ما عانى منه الطائي تحديداً في السنوات الماضية، فجماهيره ما زالت تنظر للفريق الكروي الأول على أنه نفسه صاحب الصولات والجولات في دوري الكبار؛ وبالتالي نجدها لا تتردد في كل موسم بمطالبة إدارته والأجهزة الفنية واللاعبين بالصعود للدوري الممتاز رغم عدم توافر الأدوات والإمكانات التي تؤهله لذلك؛ ما شكّل ضغطاً وإرباكاً على إداراته، أجبرها على ارتكاب أخطاء، دفع الفريق ثمنها غالياً، فضلاً عن إخفاقه في تحقيق حلم الصعود..
في بداية تسلم إدارة اللواء العديلي كتبت هنا تحت عنوان (خارطة طريق عودة الطائي) عن أهمية أن تعمل الإدارة الجديدة هذا الموسم بهدوء وبعيداً عن حسابات الصعود، وأن تضع لنفسها هدفاً رئيساً، هو إعادة بناء الفريق بعناصر شابة قادرة على الدفاع عن ألوان الطائي بعطاء منتج وطموح مختلف، فجاءت هذه الاستراتيجية لترسم للطائي مستقبلاً أكثر بهاء واطمئناناً؛ فشكراً للرئيس الخلوق عبدالله العديلي ولزملائه كافة في الإدارة على هذا التوجه الذي ينم عن بُعد نظرها وحسن تخطيطها.