عبدالله العجلان
هل استشعرنا نحن الإعلاميين السعوديين في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والرياضي والثقافي دورنا ومسؤوليتنا وأهمية رسالتنا وقيمة مهنتنا تجاه المجتمع والوطن بوجه عام؟ هل تركنا لنا في سيرتنا بصمة خير وعطاء وبناء وإصلاح أم العكس؟ لماذا يصر البعض على استخدام منبره الإعلامي لتقزيم نفسه وتشويه اسمه وصورته وتاريخه بممارسات وآراء وأطروحات، لا تضيف له شيئاً غير تذمر واستياء واشمئزاز الناس منه؟..
هنالك من يظن أن الصفة الإعلامية عبارة عن وسيلة للوصول إلى غايات وأهداف ومصالح ومكاسب شخصية، تتنافى مع شرف ونزاهة وأمانة مهنته، أو أن يبحث من خلالها عن شهرة رخيصة فارغة باللجوء إلى إثارة مبتذلة، بدلاً من أن يحقق شهرته ويذيع صيته ويكسب احترام وإعجاب المتلقي به بمنجزات إعلامية متميزة ناجحة ومفيدة. صحيح أن وسائل التواصل الحديثة ساهمت في خلق حالة من الفوضى والفلتان على صعيد الأفكار وطريقة ولغة التعبير، اختلط فيها الصالح والطالح، والعالم والجاهل، لكن الأمر مختلف بالنسبة لمن يمتهن الإعلام، ولديه رسالة عظيمة، هي بمنزلة السلطة والجهة الرقابية على المجتمع..
للأسف الشديد، رأينا إعلاميين لهم تاريخهم وخبراتهم أصبحوا يسوقون أنفسهم بتحويلهم مفهوم الإثارة الصحفية المشوقة والمطلوبة إلى إثارة احتقان وبلبلة وصراعات معطلة ومحبطة. الأسوأ من هذا أنها أنتجت ثقافة العدوانية والكراهية والإقصاء في البيئة الواحدة والمجتمع الواحد لمجرد الاختلاف في الرأي والفكر والميول؛ لهذا أعود لأقول إننا نحن الإعلاميين مطالبون أكثر من غيرنا، وفي هذه المرحلة تحديداً، بقراءة واقعنا، وإدراك خطورة ما يجري، والعمل على تطوير ممارستنا الإعلامية، والارتقاء بها إلى حيث مكانتها اللائقة بها..
اتحادنا في مأزق تناقضاته!
نتفهم ونتقبل الخطأ من اتحاد الكرة أو أية جهة كانت في حالة ارتكابه دون تعمد، لكن الذي لا يمكن ولا يجوز قبوله هو التلاعب في الأنظمة، والتباين في تفسيرها، والتعامل معها، والتناقض في اتخاذ القرارات بين طرف وآخر بحسب الألوان والأسماء رغم تشابه الأخطاء..
الكثيرون لاموا في الموسم الماضي اتحاد الكرة ولجنة الانضباط على العقوبات الضعيفة الهشة التي صدرت بحق الأمير فيصل بن تركي بعد تصريحه (الإنذار الأخير)، ومثله الأستاذ إبراهيم البلوي حين اتهم بصريح العبارة اتحاد الكرة بالفساد، وقتها كان السؤال: كيف سيتصرف الاتحاد فيما لو صدرت مستقبلاً تصريحات مماثلة من أشخاص آخرين؟ والمغزى من هذا التساؤل أن وضع اتحاد الكرة سيكون محرجاً، سواء اتخذ العقوبة نفسها؛ وبالتالي سيدفع الكثيرين للتمادي في ارتكاب المزيد من التجاوزات، أو أن تكون عقوبته أشد، وعندها سيفتح على نفسه باب اتهامه بأنه يكيل في قراراته بمكيالين. وهذا بالضبط ما تردد وتم تداوله بكثرة فور إعلان عقوبة المتحدث الرسمي للنادي الأهلي سالم الأحمدي..
هذا التناقض ليس جديداً، وقد تكرر في العديد من الأحداث، بيد أن الأخير أخذ بعداً إعلامياً وجماهيرياً أكثر من سواه بسبب حجم العقوبة، إضافة إلى أنها وقعت هذه المرة على مسؤول في ناد محسوب على معسكر رئيس الاتحاد الأستاذ أحمد عيد، وأحد أهم وأبرز الداعمين والمؤيدين له قبل وبعد الانتخابات، والمدافعين عنه باستماتة، ووقفوا ضد كل من تسول له مهاجمة أحمد عيد أو حتى فقط انتقاده..
قلناها ورددناها غير مرة: على اتحاد الكرة أن يتجه في إدارة شؤونه إلى الاحترافية، ويتخلص من آفة الاستثناء والمجاملة والمحسوبية والانتقائية في قراراته، وأن يجعل اللوائح والأنظمة هي الفيصل وسيدة الموقف، وتطبيقها يسري على الجميع دون تمييز طرف على حساب آخر؛ حتى لا يضع نفسه في مأزق التخبط والارتجالية، وكذلك العجز عن فرض شخصيته وهيبته واحترام قراراته من الأندية والمنتمين إليها.